الصليب الاحمر

الصليب الاحمر

الصليب الأحمر والصليب الأضمن
وُلدت الطفلة الجميلة "كلارا بارتون" في مدينة صغيرة بولاية "ماساشوستس" بأمريكا تُدعى "أكسفورد" في عام 1821، وبالتحديد في يوم 25 ديسمبر، وهو اليوم الذي اعتاد فيه الغربيون الاحتفال بعيد الميلاد. وبالرغم من ولادتها في يوم الكريسماس واحتفالاته الصاخبة إلا أن "كلارا" نشأت خجولة ومنطوية جدًا حتى دعاها الأولاد الذين في مثل عمرها: "القطة الخائفة".
تقابلت "كلارا" مع المسيح في صباها، ثم عملت بالتدريس في شبابها، وكانت دائمًا تحكي قصص الكتاب المقدس لتلاميذها؛ فصارت شخصية اجتماعية أكثر من باقي زميلاتها في المدرسات.
اشتعلت نيران الحرب الأهلية في أمريكا؛ فذهب تلاميذ "كلارا" الذين أحبتهم جدًا إلى ميادين القتال، فمات البعض و أصيب البعض الآخر. فلم يمكنها الاحتمال؛ فقررت تلك التي كانوا يدعونها "القطة الخائفة" أن تذهب إلى ساحة القتال لتعالـج الجرحى هناك، ولا سيما من تلاميذها. فلما وصلت إلى الميدان وجدت الحالة هناك سيئة للغاية؛ حتى أنها عملت في تضميد الجراح من ظهر يوم السبت إلى عصر يوم الاثنين دون أن تذوق الطعام أو النوم.
وفي أغلب المعارك التي كانت تستمر أيامًا دون انقطاع، كانت الذخيرة والمدافع تُرسل أولاً ثم عربات الإسعاف أخيرًا؛ إلا أن "كلارا" استطاعت أن تُقنع القادة بتغيير هذا النظام، فصارت عربات الإسعاف تذهب أولاً قبل الأسلحة لتكون في حالة الاستعداد عند الحالة.
وفي موقعة "فريدريكس بورج"، وجدت "كلارا" الجرحى يموتون في وسط الأوحال نظرًا لغزارة الأمطار ووجودهم في العراء. فحفرت الأرض وصنعت بيديها وبمساعدة الآخرين قوالب الطوب، وأضرمت فيها النيران لتصنع غرفة صغيرة من الطوب الأحمر تؤوي فيه الجرحى وتداويهم.
امتدت أعمال "كلارا" إلى أوربا كلها و"كوبا" ثم للعالم أجمع. وبعد نهاية الحرب الأهلية سافرت إلى أوربا لتستريح، ولكنها لم تسترح .. لقد باشرت أعمالها في تضميد الجراح أثناء الفيضانات والكوارث الطبيعية. ونظرًا لاتساع مجال العمل في العالم كله، أسست "كلارا" مع رجل الأعمال السويسري "جين هنري" مؤسسة عالمية لمعالجة وتضميد الجراح أثناء الحروب والكوارث، ولم تتردد "كلارا بارتون" في أن تسمي المؤسسة "الصليب الأحمر" وهي إلى وقتنا هذا مؤسسة عالمية عظيمة لها نفس الهدف الذي وضعته "كلارا". لقد أسمت "كلارا" المؤسسة بهذا الاسم إشارة إلى أن صليب المسيح ودمه هما المضمد الوحيد لكل الجراح.
وفي 25 ديسمبر من كل عام؛ وبينما يحتفل الغرب بعيد الميلاد، يحتفل العالم بتأسيس هيئة الصليب الأحمر في عيد ميلاد مؤسستها "كلارا بارتون".
صديقي .. صديقتي، إن "كلارا بارتون" قدمت كل تضحية وجهد لتأسيس هيئة الصليب الأحمر لتضميد الجراح الجسدية؛ ولكنها لم تستطع - هي أو أي إنسان آخر كان أو سيأتي على الأرض - أن تضمد الجراح النفسية والروحية. لا يوجد سوى شخص الرب يسوع المسيح الذي شُبِّه في (لوقا 33:10) بالسامري الصالـح، الذي قيل عنه أنه {تحنن وتقدم وضَمَدَ جراحاته}.
إن الخطية هي السبب الأول والأساسي لأخطر الجراح على وجه الإطلاق. وإليك نبذة مختصرة عن جراح الخطية المريرة:
الطبيعة الإنسانية: {من أسفل القدم إلى الرأس ليس فيه صحة بل جُرح وإحباط} (إشعياء 5:1-6).
الحياة الانحدارية: جرحوه: عن النازل {من أورشليم لأريحا} (لوقا 30:10).
القوة الشيطانية: {يجرح نفسه بالحجارة} (مجنون كورة الجدريين) (مرقس 5:5).
أهوال الخطية: {طرحت كثيرين جرحى وكل قتلاها أقوياء} (أمثال 26:7).
قارئي العزيز .. حقًا إن جروح الخطية غائرة، سامة، قاتلة لا للجسد فقط بل للروح والنفس أيضًا. ولكن الرب يسوع قد جُرح حتى الموت لكي يشفينا، ذاك الذي كُتب عنه {بجلدته شُفيتم} (1بطرس 24:2)، وأيضًا {وهو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا} (إشعياء 5:53).
{ولكن واحدًا من العسكر طعن جنبه بحربة وللوقت خرج دم وماء} (يوحنا 34:19). {ثم قال لتوما: «هات إصبعك إلى هنا وأبصر يدي، وهات يدك وضعها في جنبي ولا تكن غير مؤمن بل مؤمنًا»} فهل تجيب مع توما {«ربي وإلهي!»}؟ (يوحنا 28:20).
إن جراحات الرب يسوع على الصليب هي أعظم بما لا يُقاس من تضحيات مؤسسة الصليب الأحمر، فمكتوب عن جراحاته {بحبره (أي بجراحاته) شُفينا} (إشعياء 5:53). فهل صنعت الخطية جراحًا غائرة في نفسك أو روحك أو حتى جسدك (إن كنت مدمنًا لأية خطية)؟! تعال الآن وأنت تقرأ هذه الكلمات وصلِّ معي:
صلاة:
يا من جُرحت بأقسى الجراح
لتخلصني من الأتراح
وتجعلني من خطاياي أرتاح
وتمنحني السماح،
آتي إليك بخطاياي لتخلصني يا ربي..
آمين.
زكريا استاورو
 

التعليقـــات


بحث الموقع
Loading
اكثر 5 قصص فراءة
اكثر 5 قصص مشاهدة
جديد القصص