فصل مدارس الأحد

فصل مدارس الأحد

كان "د. ل. مودي" من أعظم المبشرين الموهوبين؛ فقد ربح الآلاف للمسيح في النهضات والحملات الكرازية، إلا أنه كان يُقَدِّر العمل الفردي جدًا. والعمل الفردي معناه أن يشهد المسيحي الحقيقي عن المسيح لشخص آخر لم يختبر بعد خلاص الله في المسيح.
كان مودي يُقَدِّر العمل الفردي لأنه أتي للمسيح بهذه الطريقة، إذ قال أحدهم: «لولا العمل الفردي الذي بواسطته ربح "إدوارد كامبل" نفس "د.ل.مودي"، ما كان بالتالي لمودي أن يربح أكثر من نصف مليون نفس للمسيح».
وكان مودي يُقَدِّر العمل الفردي أيضًا لأنه وسيلة فعالة للنفس البشرية لأن تبوح بمشكلاتها، وبالتالي تجد الحل في المسيح؛ قال مودي: «إني أكرز للجماهير علي المنبر حتى يمكنني الجلوس معهم علي انفراد، لأربحهم للمسيح بالعمل الفردي بعد ذلك»! وقال أيضًا في كتابه "إلي العمل": «لا توجد مشكلة لأي إنسان في الحياة، إلا وكلمة الله تقدم لها علاجًا شافيًا، لكن إن كنت تغلق نفسك علي همومك ومشاكلك فكيف يمكن مساعدتك؟ يمكنني أن أتحدث لمدة ثلاثين يومًا من علي المنبر دون أن ألمس مشكلتك الخاصة، ولكن في العمل الفردي وفي خلوة لا تزيد عن عشر دقائق يمكن أن تكشف أعماق متاعبك، والله يعطيني أن أقدم لك علاجًا أبديًا لها من خلال كلمة الله». يحكي مودي هذه القصة المؤثرة عن أهمية العمل الفردي،فيقول:
كنت مسئولاً عن مدرسة أحد مكونة من ألف طفل، وكان هناك فصل للفتيات، وكان هذا الفصل مصدر متاعب كثيرة ولم يستطع سوى مدرس واحد في مدرسة الأحد أن يحفظ نظام ذلك الفصل. وفي يوم تحدث إليّ هذا المدرس بصوت حزين قائلاً:
- «انا مضطر لترك الفصل، لأنني سأعود إلي بلدي بناء علي مشورة الطبيب؛ لأني مريض بمرض خطير».
قال مودي: «وكان واضحًا من نبرات صوته أنه ذاهبٌ ليموت هناك فعلاً. فتحدثت إليه وسألتُهُ:
- «هل انت خائف من الموت؟»، أجاب:
- «إنني لست خائفًا من الموت، فالموت هو ربح لي كما قال الرسول بولس: {يَتَعَظَّمُ الْمَسِيحُ فِي جَسَدِي، سَوَاءٌ كَانَ بِحَيَاةٍ أَمْ بِمَوْتٍ. لأَنَّ لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ وَالْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ. وَلَكِنْ إِنْ كَانَتِ الْحَيَاةُ فِي الْجَسَدِ هِيَ لِي ثَمَرُ عَمَلِي، فَمَاذَا أَخْتَارُ؟ لَسْتُ أَدْرِي! فَإِنِّي مَحْصُورٌ مِنْ الاِثْنَيْنِ: لِيَ اشْتِهَاءٌ أَنْ أَنْطَلِقَ وَأَكُونَ مَعَ الْمَسِيحِ. ذَاكَ أَفْضَلُ جِدًّا. وَلَكِنْ أَنْ أَبْقَى فِي الْجَسَدِ أَلْزَمُ مِنْ أَجْلِكُمْ} (فيلبي1: 20-23)، لكنني لا أعرف كيف سأقابل الرب يسوع وأنا لم أربح واحدة من تلميذات فصل مدرسة الأحد!»
ويكمل مودي القصة قائلاً: «نصحته بزيارة كل تلميذه والتحدث معها فرديًا عن المخلص، ورغم مرض الخادم الشديد وضعفه الجسماني إلا أنه زار كل تلميذة وكان يتحدث مع كل فتاة مقدمًا لها المسيح كالمخلص الوحيد من الخطية ونتائجها ودينونتها، وهكذا استمر يوالي الزيارات علي قدر جهده، وفي نهاية عشرة أيام حضر الخادم إليّ متهللاً وهو يقول: «شكرًا للرب لقد قبلت جميع الفتيات الرب يسوع مخلصًا». ويكمل مودي حديثه: «ودعوت الفتيات لحفلة توديعه قبل سفره بيوم وكان حفلاً رائعًا ومؤثرًا لم أشهد مثله من قبل. وفي اليوم التالي ذهبت لتوديعه في محطة القطار، وفرحت إذ رأيت كل تلميذات الفصل علي الرصيف! وبينما كان القطار يتحرك كان الخادم يشير بإصبعه إلي السماء وهو يردد: «سنتقابل هناك»! لقد ربحهن جميعًا للمسيح بالعمل الفردي»
وعن تقيمه للعمل الفردي قال "د.ل. مودي": «إني أفضل أن أعلم عشرة أشخاص كيف يربحون نفوسًا للمسيح بالعمل الفردي، من أن أربح مائة نفس». ولقد قال "د. ترمبل" الذي بنعمة الرب ربح حوالي عشرة آلاف نفس بالعمل الفردي في مدة 50 سنة: «إن الوصول إلى شخص واحد خلال وقت واحد هو أفضل طريقة للوصول للعالم كله في وقت واحد»!
صديقي القاريء العزيز .. صديقتي القارئة العزيزة، على كل مسيحي حقيقي أن يشهد للآخرين عن المسيح لأن الله قال: {وَأَنْتُمْ شُهُودِي يَقُولُ الرَّبُّ وَأَنَا اللهُ } (إشعياء43: 12)، كما قال الرب يسوع للتلاميذ قُبيل الصعود: {لَكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ والسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ} (أعمال1: 8)
وهناك أربعة أسباب تجعل من الواجب والضروري على كل مسيحي حقيقي أن يشهد للمسيح لا بحياته فقط ولكن بكلامه أيضا:
• أولاً: سبب داخلي: كل من اختبر محبة المسيح والتغيُّر الذي يجريه، لا يستطيع إلا أن يشهد للآخرين، كما هو مكتوب: {فَإِذْ لَنَا رُوحُ الإِيمَانِ عَيْنُهُ، حَسَبَ الْمَكْتُوبِ «آمَنْتُ لِذَلِكَ تَكَلَّمْتُ» - نَحْنُ أَيْضًا نُؤْمِنُ وَلِذَلِكَ نَتَكَلَّمُ أَيْضًا} (2كورنثوس4: 13ومزمور116: 10). كالأبرص الذي شفاه المسيح {.. فَتَحَنَّنَ يَسُوعُ وَمَدَّ يَدَهُ وَلَمَسَهُ وَقَالَ لَهُ: «أُرِيدُ، فَاطْهُرْ!». فَلِلْوَقْتِ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ ذَهَبَ عَنْهُ الْبَرَصُ وَطَهَرَ. فَانْتَهَرَهُ وَأَرْسَلَهُ لِلْوَقْتِ وَقَالَ لَهُ: «ﭐنْظُرْ لاَ تَقُلْ لأَحَدٍ شَيْئًا بَلِ اذْهَبْ أَرِ نَفْسَكَ لِلْكَاهِنِ وَقَدِّمْ عَنْ تَطْهِيرِكَ مَا أَمَرَ بِهِ مُوسَى شَهَادَةً لَهُمْ». وَأَمَّا هُوَ فَخَرَجَ وَابْتَدَأَ يُنَادِي كَثِيرًا وَيُذِيعُ الْخَبَرَ حَتَّى لَمْ يَعُدْ يَقْدِرُ (أي: المسيح) أَنْ يَدْخُلَ مَدِينَةً ظَاهِرًا بَلْ كَانَ خَارِجًا فِي مَوَاضِعَ خَالِيَةٍ وَكَانُوا يَأْتُونَ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ} (مرقس1: 41-44).
• ثانيًا: سبب خارجي: الاحتياج الشديد الذي تحتاجه النفوس للمسيح، كما هو مكتوب: {اَلْبَائِسُونَ وَالْمَسَاكِينُ طَالِبُونَ مَاءً وَلاَ يُوجَدُ. لِسَانُهُمْ مِنَ الْعَطَشِ قَدْ يَبِسَ. أَنَا الرَّبُّ أَسْتَجِيبُ لَهُمْ} (إشعياء41: 17). لهذا رأى بولس الرؤيا: {وَظَهَرَتْ لِبُولُسَ رُؤْيَا فِي اللَّيْلِ: رَجُلٌ مَكِدُونِيٌّ قَائِمٌ يَطْلُبُ إِلَيْهِ وَيَقُولُ: «اعْبُرْ إِلَى مَكِدُونِيَّةَ وَأَعِنَّا!». فَلَمَّا رَأَى الرُّؤْيَا لِلْوَقْتِ طَلَبْنَا أَنْ نَخْرُجَ إِلَى مَكِدُونِيَّةَ مُتَحَقِّقِينَ أَنَّ الرَّبَّ قَدْ دَعَانَا لِنُبَشِّرَهُمْ} (أعمال16: 9و10).
• ثالثا: سبب فوقي: حيث أوصانا الرب يسوع قائلا: {«ﭐذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا. مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ»} (مرقس16: 15).
• رابعا: سبب تحتي: حتى سكان الهاوية الذين ماتوا في خطاياهم يتمنوا أن نشهد للآخرين، كما قال المسيح عن الغني في الجحيم الذي قال: {«أَسْأَلُكَ إِذًا يَا أَبَتِ أَنْ تُرْسِلَهُ إِلَى بَيْتِ أَبِي لأَنَّ لِي خَمْسَةَ إِخْوَةٍ، حَتَّى يَشْهَدَ لَهُمْ لِكَيْلاَ يَأْتُوا هُمْ أَيْضًا إِلَى مَوْضِعِ الْعَذَابِ هَذَا». قَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: «عِنْدَهُمْ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءُ لِيَسْمَعُوا مِنْهُمْ»} (لوقا16: 28).
فهل تكون شاهدًا أمينًا للمسيح؟ هل تصلي معي؟
صلاة:
يا ربي يسوع  يا من عشت على الأرض أرقى وأجمل حياة شهادة لله والناس...  يا من مت على الصليب لتشهد وتعلن عن حب الله لي  ساعدني في أن أشهد عنك بحياتي الممجدة لله  وبكلامي لأخبر بالإنجيل للجميع  آمين
زكريا استاورو

التعليقـــات


بحث الموقع
Loading
اكثر 5 قصص فراءة
اكثر 5 قصص مشاهدة
جديد القصص