لماذا أعدموا جورج؟
في سنة 1829م وأثناء رئاسة الرئيس الأمريكي السابع للولايات المتحدة "أندرو جاكسون" - الذي ولد في 15 مارس 1767م وترك عالمنا في 8 يونيو 1845 وتولى الرياسة من 1829إلى 1837م - حدثت تلك القصة الواقعية حيث كان بطلها "جورج ولسون" الذي ولد في عائلة فقيرة وعاش حياته بعيدًا عن الله وعن الكتاب المقدس، وكان دائمًا يحقد على الآخرين ويشعر بصغر النفس، وبأنه أقل من كل الناس. وادَّعى أن الله ظالم لأنه لم يولد في عائله غنية.
بدأ "جورج ولسون" يفكر في الثراء السريع، وكان يريد أن يصبح غنيًا ليحقق أحلامه، وتحت شعار أن الأغنياء لا يشعرون بالفقراء وبما يعانونه من الألم والفقر والاحتياج إلى الطعام والشراب والملبس الجميل والتمتع بكل وسائل الراحة والرفاهية, قرر "جورج ولسون" سرقه هؤلاء الأغنياء. ونجح في سرقة كثير من البيوت والمحال التجارية، وسرق أيضًا كثيرًا من بريد الحكومة.
وأثناء سرقاته المتكررة قتل "ولسون" بعض ضحاياه, وبينما كان يسرق أحد البيوت ليلاً استطاع صاحب المنزل أن يقبض عليه وهو يسرق، وكان صاحب هذا المنزل هو قاضى المدينة.
أُلقى "جورج ولسون" في السجن لحين إصدار الحكم عليه، وكان القاضي الذي ينظر في قضيته هو نفس القاضي الذى كان "ولسون" يحاول سرقته، ولما كان القاضي يريد أن يسمع قصته منه شخصيًا ذهب إليه في السجن وبدأ يسمع قصته من البداية للنهاية. وقبل أن يرحل القاضي قال "لجورج ولسون":
- «سوف أرسل لك أحد رجال الدين قبل الحكم عليك». لكن "جورج ولسون" قال للقاضي:
- «لا اريد أن أرى أحدًا! إنى اريد الخروج من هذا السجن». فقال له:
- «فكر حسنًا في ماضي حياتك وليتك تتوب عن خطاياك».
أصبحت قضية "جورج ولسون" قضية شعبية، وتم تداول القضية بين المحاكم الأمريكية حتى استطاع ذوو النفوذ في الولايات المتحدة الأمريكية استصدار عفو عن "جورج ولسون" من الرئيس "أندرو جاكسون".
ذهب القاضي إلى "جورج ولسون" وهو يحمل معه العفو الصادر عنه من الرئيس "أندرو جاكسون"، ولكن "جورج ولسون" رفض أن يقابل القاضي ظانًّا أنه رجل دين لأنه كان يلبس لبس القضاة الشبية بلبس رجال الدين في ذلك الوقت، وكم حاول القاضي أن يُفهم "جورج ولسون" أنه يحمل معه العفو عنه لكن "جورج" رفض بشدة أن يسمع كلمة واحدة من القاضي، الذي ظل مدة طويلة يستعطفه أن يسمعه، لكنه رفض بشدة, فمضى القاضي دون أن يوافق المتهم أن يقبله أو حتى يسمع كلمة واحدة منه.
وبعدما مضي القاضي والعفو في يده قال حارس السجن "لجورج ولسون":
- «هل تعلم من الذي جاء إليك الآن ورفضت مقابلته؟». فردَّ "جورج":
- «نعم، رجل دين يحاول أن يعظني». فردَّ الحارس:
- «كلا! بل هو القاضي ومعه العفو عنك، الصادر من الرئيس "أندرو جاكسون" فأحس جورج بالندم الرهيب وكان يصر على أسنانه تارة وينادي على القاضي بأعلى صوته تارة أخرى. لكن القاضي ومعه العفو كان قد ترك السجن ومضى.
عُقدت محاكمة جديدة "لجورج ولسون" وكانت هذه المرة في المحكمة الأمريكية العليا وأرادوا أن يعرفوا حكم القانون في هذه الحالة حتي حَكَم كبير القضاة ورجال القانون وقتها القاضي "جون مارشال" وقال:
- «حيث أن العفو رغم أنه صادر من رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أنه ورقة تتوقف قيمتها على قبولها من الشخص الصادرة لصالحه, وإن كان من الصعب تصور رفضها من شخص محكوم عليه بالإعدام، تظل الحقيقة ثابتة؛ أنه إن رفض المتهم العفو فسيصبح العفو بلا قيمة، وبناء عليه يجب إعدام "جورج ولسون"»!
ولما سألوا "جورج ولسون" قبل تنفيذ حكم الأعدام فيه، عما يريده، قال:
- «أريد أن أقول للجميع أنني أُعدم الآن ليس بسبب جرائم القتل والسرقة التي ارتكبتها، ولكن بسبب غبائي ورفضي للعفو الصادر عني من الرئيس "أندرو جاكسون"».
صديقي القاريء العزيز .. صديقتي القارئة العزيزة، إن سبب إعدام "جورج ولسون" هو رفضه للعفو الصادر عنه. ولكن هل تعلم أن هذا هو أيضا السبب المباشر لهلاك كل من سيذهب إلى الجحيم الأبدي؟! سيهلك، ليس بسبب ما ارتكبه من خطايا، ولكن بسبب رفضه للعفو الصادر عنه على أساس ما أتمه المسيح على الصليب. كما قال الرب يسوع: {لأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلِ الله ابْنَهُ إِلَى الْعَالَمِ لِيَدِينَ الْعَالَمَ بَلْ لِيَخْلُصَ بِهِ الْعَالَمُ. اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُدَانُ والَّذِي لاَ يُؤْمِنُ قَدْ دِينَ لأَنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِاسْمِ ابْنِ اللهِ الْوَحِيدِ. وَهَذِهِ هِيَ الدَّيْنُونَةُ: إِنَّ النُّورَ قَدْ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ وَأَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً. لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ السَّيِّآتِ يُبْغِضُ النُّورَ وَلاَ يَأْتِي إِلَى النُّورِ لِئَلا تُوَبَّخَ أَعْمَالُهُ. وَأَمَّا مَنْ يَفْعَلُ الْحَقَّ فَيُقْبِلُ إِلَى النُّورِ لِكَيْ تَظْهَرَ أَعْمَالُهُ أَنَّهَا بِالله مَعْمُولَةٌ} (يوحنا3: 17-21).
لقد احتمل المسيح على الصليب كل أجرة خطاياي, {الَّذِي حَمَلَ هُوَ نَفْسُهُ خَطَايَانَا فِي جَسَدِهِ عَلَى الْخَشَبَةِ} (1بطرس2: 24) {فَلَمَّا أَخَذَ يَسُوعُ الْخَلَّ قَالَ: «قَدْ أُكْمِلَ». وَنَكَّسَ رَأْسَهُ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ} (يوحنا19: 30) {أَيْ إِنَّ اللهَ كَانَ فِي الْمَسِيحِ مُصَالِحًا الْعَالَمَ لِنَفْسِهِ، غَيْرَ حَاسِبٍ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ ... لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ} (2كو5: 18-21) {إِذًا لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ السَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ الْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ الرُّوحِ} (رو8: 1) فهل تقبل غفران المسيح أم ترفضه "كجورج ولسون"؟ هل تصلي معي؟
صلاة : يا من تقدم عفوك عني في المسيح المصلوب, إني أقبله فارحمني وخلصني من كل الذنوب, أهديك كل حياتي وعمري أيها المحبوب آمين
زكريا استاورو