القيصر هو يدفع
ولد القيصر الروسي "الكسندر الثاني" في 17 أبريل 1818م ورحل عن عالمنا في عام 1881م ولقد تعود القيصر "الكسندر" أن يتجول بين الجنود والضباط متنكرًا ليستمع إلى أحاديثهم ويتابع ما يجري على أرض الواقع, وفي إحدى الليالي بينما كان يمر في أحد المعسكرات متخفيًا، لاحظ ضابطًا شابًا وهو يضع رأسه بين ذراعيه ويغط في النوم العميق ولما اقترب القيصر لاحظ أن الضابط وضع المسدس على المنضدة التى أمامه وهو مجهز للإطلاق. وقبل أن يوقظه القيصر لاحظ ورقة مكتوبة أمامه والقلم ما يزال مفتوحا وزجاجة الحبر مفتوحة أيضًا، فابتدأ القيصر "الكسندر" يقترب رويدًا رويدًا ليقرأ المكتوب في الورقة، فوجد أن الضابط كتب ديونه التي كانت عليه بسبب المقامرات التي أدمنها وخسر فيها فصار مديونًا، وأمام الرقم الهائل لديونه كتب الضابط: «ومن يستطيع أن يدفع كل هذا؟ لا حل إلا في الانتحار!»
تردد القيصر، هل يوقظ الضابط ويحاكمه؟ ولكنه تذكر أن أبا الضابط كان صديقًا شخصيًا له، وعندها أخذ القيصر قراره: فبدون أن يوقظ الضابط غمس القيصر القلم في زجاجة الحبر وأمام العبارة التي كان الضابط الشاب قد كتبها: ومن يستطيع أن يدفع كل هذا؟ كتب القيصر كلمة "الكسندر" ثم انصرف.
استيقظ الضابط الشاب وأمسك مسدسه ليطلق الرصاص على نفسه وينتحر، ولكن قبل أن يطلق الرصاص على رأسه ألقى نظرة أخيرة على ديونه الرهيبة ومأساتها، ولكن فجأة نظر للورقة التي كتبها واستعجب أن بها كتابة أخرى, فَرَكَ الضابط عينيه واهتز من هول المفاجأة والفرح حينما قرأ إمضاء "الكسندر" .. نعم القيصر "الكسندر" نفسه هو الذي يستطيع أن يدفع, وفي اليوم التالي كان القيصر قد وفى الدين ولم يعد الضابط مديونا بعد هذا.
صديقي القاريء العزيز .. صديقتي القارئة العزيزة، إن أخطر الديون على وجه هذه الأرض هي دين الخطية كما هو مكتوب: {لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ وَأَمَّا هِبَةُ اللهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا} (رومية6: 23) لأن الخطية ليست فقط ديون الإنسان تجاه أخيه الإنسان، ولكن .. يا للهول .. إن الخطية دين مديون به الإنسان لدى الديان الأعظم، فالخطية موجهه في الأصل ضد الله حتى وإن كانت من إنسان لإنسان. وهذا ما أوضحه الرب يسوع في المثل الذي ذكره للرسول بطرس: {حِينَئِذٍ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ بُطْرُسُ وَقَالَ: «يَا رَبُّ كَمْ مَرَّةً يُخْطِئُ إِلَيَّ أَخِي وَأَنَا أَغْفِرُ لَهُ؟ هَلْ إِلَى سَبْعِ مَرَّاتٍ؟» قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لاَ أَقُولُ لَكَ إِلَى سَبْعِ مَرَّاتٍ بَلْ إِلَى سَبْعِينَ مَرَّةً سَبْعَ مَرَّاتٍ. لِذَلِكَ يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ إِنْسَانًا مَلِكًا أَرَادَ أَنْ يُحَاسِبَ عَبِيدَهُ. فَلَمَّا ابْتَدَأَ فِي الْمُحَاسَبَةِ قُدِّمَ إِلَيْهِ وَاحِدٌ مَدْيُونٌ بِعَشْرَةِ آلاَفِ وَزْنَةٍ. وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يُوفِي أَمَرَ سَيِّدُهُ أَنْ يُبَاعَ هُوَ وامْرَأَتُهُ وَأَوْلاَدُهُ وَكُلُّ مَا لَهُ وَيُوفَى الدَّيْنُ. فَخَرَّ الْعَبْدُ وَسَجَدَ لَهُ قَائِلاً: يَا سَيِّدُ تَمَهَّلْ عَلَيَّ فَأُوفِيَكَ الْجَمِيعَ. فَتَحَنَّنَ سَيِّدُ ذَلِكَ الْعَبْدِ وَأَطْلَقَهُ وَتَرَكَ لَهُ الدَّيْنَ. وَلَمَّا خَرَجَ ذَلِكَ الْعَبْدُ وَجَدَ وَاحِدًا مِنَ الْعَبِيدِ رُفَقَائِهِ كَانَ مَدْيُونًا لَهُ بِمِئَةِ دِينَارٍ فَأَمْسَكَهُ وَأَخَذَ بِعُنُقِهِ قَائِلاً: أَوْفِنِي مَا لِي عَلَيْكَ.فَخَرَّ الْعَبْدُ رَفِيقُهُ عَلَى قَدَمَيْهِ وَطَلَبَ إِلَيْهِ قَائِلاً: تَمَهَّلْ عَلَيَّ فَأُوفِيَكَ الْجَمِيعَ. فَلَمْ يُرِدْ بَلْ مَضَى وَأَلْقَاهُ فِي سِجْنٍ حَتَّى يُوفِيَ الدَّيْنَ.فَلَمَّا رَأَى الْعَبِيدُ رُفَقَاؤُهُ مَا كَانَ حَزِنُوا جِدًّا. وَأَتَوْا وَقَصُّوا عَلَى سَيِّدِهِمْ كُلَّ مَا جَرَى. فَدَعَاهُ حِينَئِذٍ سَيِّدُهُ وَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ كُلُّ ذَلِكَ الدَّيْنِ تَرَكْتُهُ لَكَ لأَنَّكَ طَلَبْتَ إِلَيَّ.أَفَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّكَ أَنْتَ أَيْضًا تَرْحَمُ الْعَبْدَ رَفِيقَكَ كَمَا رَحِمْتُكَ أَنَا؟.وَغَضِبَ سَيِّدُهُ وَسَلَّمَهُ إِلَى الْمُعَذِّبِينَ حَتَّى يُوفِيَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ.فَهَكَذَا أَبِي السَّمَاوِيُّ يَفْعَلُ بِكُمْ إِنْ لَمْ تَتْرُكُوا مِنْ قُلُوبِكُمْ كُلُّ وَاحِدٍ لأَخِيهِ زَلاتِهِ»}. (مت18: 21-35) لاحظ: اعتبر المسيح الخطأ الموجه من الإنسان للإنسان بِمِئَةِ دِينَارٍ والخطية - لأنها موجهه لله - بِعَشْرَةِ آلاَفِ وَزْنَةٍ (والوزنة تساوي 30 كيلو جرامًا، أي أن العَشْرَةِ آلاَفِ وَزْنَةٍ تساوي 300 ألف كيلو جرام وإن كان متوسط ثمن كيلو الذهب يساوي 100 ألف جنية مصري، فالعشرة آلاف وزنة تساوي 30.000.000.000، أي 30 مليار جنية! فما أصعب دين الخطية .. قارن 30 مليار جنية بِمِئَةِ دِينَارٍ تعرف أن الخطية أساسًا موجهه لله.
وربما تشعر عزيزي القاريء أن ديون الخطية التي عملتها أمام الله قليلة بالمقارنة بما عمله الآخرون وهذا يذكرني بما قاله الرب يسوع لسمعان الفريسي: {«يَا سِمْعَانُ عِنْدِي شَيْءٌ أَقُولُهُ لَكَ». فَقَالَ: «قُلْ يَا مُعَلِّمُ». «كَانَ لِمُدَايِنٍ مَدْيُونَانِ. عَلَى الْوَاحِدِ خَمْسُ مِئَةِ دِينَارٍ وَعَلَى الآخَرِ خَمْسُونَ. وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَا يُوفِيَانِ سَامَحَهُمَا جَمِيعًا. فَقُلْ: أَيُّهُمَا يَكُونُ أَكْثَرَ حُبًّا لَهُ؟» فَأَجَابَ سِمْعَانُ: «أَظُنُّ الَّذِي سَامَحَهُ بِالأَكْثَرِ». فَقَالَ لَهُ: «بِالصَّوَابِ حَكَمْتَ»}. (لوقا7: 40-43) لاحظ {إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَا يُوفِيَانِ} فلا يوجد إنسان يستطيع أن يسدد دين الخطية. لهذا مات المسيح وسدد كل الديون عندما قال كلمته الخالدة على الصليب, {فَلَمَّا أَخَذَ يَسُوعُ الْخَلَّ قَالَ: «قَدْ أُكْمِلَ». وَنَكَّسَ رَأْسَهُ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ} (يوحنا19: 30) {قَدْ أُكْمِل} كلمة مأخوذة من الأصل اليوناني ولقد تُرجمت يوفي, {وَلَمَّا جَاءُوا إِلَى كَفْرِنَاحُومَ تَقَدَّمَ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ الدِّرْهَمَيْنِ إِلَى بُطْرُسَ وَقَالُوا: «أَمَا يُوفِي مُعَلِّمُكُمُ الدِّرْهَمَيْنِ؟»} (متى17: 24) {أَيْ إِنَّ اللهَ كَانَ فِي الْمَسِيحِ مُصَالِحًا الْعَالَمَ لِنَفْسِهِ، غَيْرَ حَاسِبٍ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ ... لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ} (2كو5: 18-21) {إِذًا لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ السَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ الْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ الرُّوحِ} (رو8: 1) فهل تقبل غفران المسيح كما قبل هذا الضابط ما سدده القيصر "الكسندر"؟ هل تصلي معي؟
صلاة:
يا من على الصليب اكملت العمل وسددت ديوني وخلاصي فيك اكتمل اغسلني بدماك أيها الذبيح الحمل أنت رجائي ووحدك فيك الأمل.آمين
زكريا استاورو
التعليقـــات
وحده يسوع يستطيع ان يدفع ديونى ويمحى الصك ويرفع كل خطاياى |
|
|