لقد عدت متاخرا
لقد أصابه اكتئاب شديد كل اصدقائنا القريبين منه أصبحوا يمتلكون المليارات أصبحوا يسبحون بالفلل والشاليهات ويسافرون الى اقاصي البلاد للتنزه والرحلات وهو في مكانه لايتقدم بضع خطوات لقد اصبح هاجسه المال , تنظر اليه أبنته باستغراب((ياابي لما أنت حزين محتار )) لم بعد الأب يذهب مع أبنته للكنيسة لاجتماع الصلاة وحزنت مريم لسلوك أباها الغير معتاد واخذت تتذكر وقالت في نفسها هو ارشدني ليسوع البار كان يلازم الكنيسة ليل نهار كنا
سعداء ونحن لانملك فلسا قانعين بمحبة الرب المعطاء ، ماذا جرى وماذا يحضر هذا الشرير الساقط لهذا البيت الذي
طالما عرف المحبة والسلام .....قالت لأبيها بابا تعال معي للكنيسة اليوم ألأخوة هناك يسألون عنك ..................
((لايابنتي هناك مشروع مهم سيمنح البيت الثراء سأذهب وادرسه مع صديقي فهو ثريا مرتاح ، وقلقت الصبية وهي تنظر الى وجه ابيها ألذي اصبح شاحبا محتار ، وتذكرت مريم لقد توفيت امها وهي صغيرة ووعت نفسها في احضان ابيها الذي رعاها بمحبة واقتدار .....لقد كان منزلنا بيت صلاة فماذا جرى لأبي لما هذا الضياع ، فصارت اول طلباتها في صلواتها للحبيب عمانوئيل يارب يارب ارعى ابي واحميه من وساوس الشيطان وارجعه الى حضنك قانعا سعيدا مرتاح .................
وفاجئها أبيها قائلا لها ، يابنتي لقد غنمت صفقة العمر ، سأسافر الى دبي وأحصل على دخل يضمن حياتيك للأبد ياأبي...!!
نظرت اليه أبنته بحزن وقالت ماذا جرى لك ياأبي لقد كنا سعداء ونحن لانملك من المال ألا ألقليل وكان البيت جنة سعادة
ونحن ناكل الزيتون على ألحصير وكان بيتنا عرس بهجة بنعمة الرب القدير .....بابا أرجع الينا كما كنت محبتنا بتكفي وبتزيد
أجابها: يابنتي حاشى لي ان أترك الرب القدير أنا عليه امينا ولكن علي أن ألحق الركب يابنتي لاأريد أن أكون وراء الناس حقيرا ذليل .
قالت له : ابي الحبيب انت مخطأ هناك شيئا يبعدنا عنك رويدا رويدا ، وكم اخاف عليك ياأبي أن تفقد البهجة والسلام بعيدا
عنا أيها المسكين.
أجابها: لايابنتي لاتخافي ...غدا سأسافر.....واطمأني سأراسلك باستمرار وسأتصل بك على التلفون في الليل والنهار .
ودعها وسافر واتصل بها مدة اسبوع وانقطعت ألأخبار ، ولكن أول كل شهر يرسل لأبنته الف دولار .........................
وعندما تتصل به ابنته يعتذر فأشغاله تملأ الليل والنهار ، ومرت السنين ومريم تذهب للكنيسة بانتظام والفرح بيسوع البار يملأ حياتها طول الأيام ، أشتركت بفرقة الترنيم ولايفارق شفتيها التبشير بالرب الحبيب
وبعد ثماني سنوات على الغربة دعاها رب ألأنام ، عندما فحصها الطبيب صارحها ((معك ورم خبيث في جهزك الهضمي يابنتي )).....وفكرت لاأريد أن أخبر ابي لااريده ان يرتاع ، وبالرغم أنها ايقنت بأنها على طريق الرقاد بالرب لامحالة ، ألا أن البسمة لم تفارق وجهها والمحبة لم تنقطع عمن وصلها ، وصوت البشارة لم يفارق مبسمها وكانت تصنع الفرح والمحبة لكل من كان قربها، وتذكرت قول بولس الرسول (فيليبي : 1 : 23((: لِيَ اشْتِهَاءٌ أَنْ أَنْطَلِقَ وَأَكُونَ مَعَ الْمَسِيحِ، ذَاكَ أَفْضَلُ جِدًّا. 24وَلكِنْ أَنْ أَبْقَى فِي الْجَسَدِ أَلْزَمُ مِنْ أَجْلِكُمْ. 25فَإِذْ أَنَا وَاثِقٌ بِهذَا أَعْلَمُ أَنِّي أَمْكُثُ وَأَبْقَى مَعَ جَمِيعِكُمْ لأَجْلِ تَقَدُّمِكُمْ وَفَرَحِكُمْ فِي الإِيمَانِ، 26لِكَيْ يَزْدَادَ افْتِخَارُكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ فِيَّ، بِوَاسِطَةِ حُضُورِي أَيْضًا عِنْدَكُمْ.))
وشتد المرض على الصبية واشتد فرحها بلقاء رب البرية وفي يوم من ألأيام رأته مبتسما مرتاح يدعوها اليه قائلا لها بمحبة((تعالي يابنتي ورثي المكوت المعد لك قبل انشاء العالم )) وفاضت روحها وصعدت الى الباري ، وكان قد مضى على غربة الأب عشر سنوات .
وصلت اليه رسالة من أناس لايعرفهم تخبره ان ابنته قد توفيت ، صعق الأب لهذا الخبر ولم يصدق مايسمع أتصل بالمنزل ولم يرد أحد ، فاستقل أول طائرة وعاد الى البلاد.....دخل البيت وكان البيت فارغا فأجهش بالبكاء.
وذهب مسرعا الى الكنيسة ودخل فوجد راعي الكنيسة وكان يعرفه وقد استقبله بنظرة عتاب واخبره بما جرى وطمأنه أن الكنيسة والأخوة قاموا بكل مايلزم وطمأن ألأب قائلا أطمئن ان ابنتك قد رقدت بالرب مؤمنتا باقتدار .
وما أن سمع ألأب هذه الكلمة حتى انهمرت الدموع من عينيه وتذكر وعده لأبنته
((حاشا لي ان أترك الرب )) وأجهش بالبكاء ....وهو يقول في نفسه سامحني ياربي والهي فقد بعتك ببضعة دولارات وبعت حبيبتي التي صعدت اليك فما نفع المال ولمن يكون كل هذا .......
وذهب للبيت يتطلع في اركانه ويتذكر ابنته ....يتذكر كيف كان يداعبها .....كيف كان يطعمها.......كيف كانت تعانقه بمحبة وأخذ يبكي .....وغفى...
واستجاب الرب لصلوات أبنته ....
فبينما هو نائم واذ بيد توقظه فتح عينيه فرأى مريم بجانبه صرخ مريم حبيبتي لآتبتعدي عني لاتتركيني ياحبيبتي فأجابته ...بابا حبيبي نحن نخبرك لم يفت ألأوان ياأبي ...
أرجع لبيتك أرجع لوظيفتك أرجع لكنيستك ....أرجع للمحبة القديمة التي كانت تجمعنا...هكذا يقول الرب و ابتعدت قليلا واذ يسوع الحبيب يبتسم له أبتسامة عذبة
فتح ألأب عينيه مذهولا من هذا الحلم وأخذ يبكي ولكن أعقب هذا البكاء راحة عميقة....فتح ألأنجيل ليصلي وأذ تظهر أمام عينيه هذه ألآيةمن أنجيل متى:
«لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ، لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ، أَوْ يُلاَزِمَ الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ الآخَرَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ وَالْمَالَ. 25«لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَهْتَمُّوا لِحَيَاتِكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَبِمَا تَشْرَبُونَ، وَلاَ لأَجْسَادِكُمْ بِمَا تَلْبَسُونَ. أَلَيْسَتِ الْحَيَاةُ أَفْضَلَ مِنَ الطَّعَامِ، وَالْجَسَدُ أَفْضَلَ مِنَ اللِّبَاسِ؟ 26اُنْظُرُوا إِلَى طُيُورِ السَّمَاءِ: إِنَّهَا لاَ تَزْرَعُ وَلاَ تَحْصُدُ وَلاَ تَجْمَعُ إِلَى مَخَازِنَ، وَأَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ يَقُوتُهَا. أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ بِالْحَرِيِّ أَفْضَلَ مِنْهَا؟))
لم يسافر مرتا اخرى واخذ يواظب على اجتماع الصلاة وهو يشكر الرب بمشيئته بهذا الصليب ألذي أعاده الى احضان الرب
مرتا أخرى للرب المجد آمييين
مازن النابلسي