طرسوسى القرن ال.2
هل سمعت عن الصادهو سندر سنغ؟ أن قصة حياته تشبه قصة شاول الطرسوسي في أعمال الرسل الأصحاح التاسع فلقد وُلد الصادهو سندر سنغ في 3/9/1889م في قرية راميرا مقاطعة مانشتيلا في شمال الهند في عائلة هندية هندوسية من جماعة السيخ واطلق عليه ابواه اسم سندر الذي معناه أسد وهذا اللقب كان يعطى للقائد العظيم من طائفة السيخ واسم ابيه شير سنغ ولقب سندر بلقب الصادهو وهي رتبة دينية في الدراسة السيخية للديانة الهندوسية وكانت أم سندر ملتزمة بشكل خاص بالتعاليم الهندوسية فقد كانت تنهض قبل الفجر وتغتسل وتقرأ الكتب الهندية المقدسة قبل عمل أي شيء وحرصت على تربية ابنها منذ طفولته وفقاً لذلك فدرس الدين عند أثنين من رجال الدين السيخ أحدهما من رتبة «بانديت» والآخر من رتبة صادهو سيخ. وكان كل منهما يصرف معه ساعتين في الأسبوع لكي يلقنه القواعد الدينية وكلما كان سندر يزداد في العمر كان يزداد عطشه الداخلي الى السلام الحقيقي ورغم صغر سنه فقد قرأ الكثير من كتب الأديان المختلفة في بلاده وكثيرا ما تكلم مع رجال الدين عن الحصول على السلام الداخلي لكنهم عجزوا عن مساعدته حتى والدته المحبة له عجزت عن ذلك.
لما وصل سندر لعمر الدخول للمدرسة الثانوية التحق بمدرسة للإرسالية الإنجيلية كانت قريبة من بيته لأن أقرب مدرسة حكومية كانت تبعد أكثر من 3 ميل عن منزله وهناك ولأول مرة سمع الإنجيل فازداد تعصبه وغلى دم السيخ في داخله وكان يتسائل لماذا فُرض عليه أن يسمع الإنجيل؟ وقال لنفسه:نحن من السيخ وكان يجب على المسؤولين أن يذكروا أن الجرانت هو كتابنا المقدس وأن الجيتا هو كتاب صلواتنا وازداد بغضه للمسيحية ففي يوم من الأيام وقع ظل أحد المبشرين عليه فقضى ساعة كاملة في الإستحمام ليطهّر نفسه من الدنس, وبعدها اشترى سندر نسخة من العهد الجديد ليقرأه لينتقده وازداد تعصب أكثر فأكثر وبعد زمان قصير جمع كل تلاميذ المدرسة الكارهين لهذا الدين الأجنبي وأصبح زعيما لهم في مهاجمة المسيحية.
لما بلغ سندر الرابعة عشرة فقد أمه ثم أخاه الأكبر فحزن جدا وزاد موت أمه من عمق الرغبة لديه أن يبحث عن ماذا بعد الموت؟ ولسيما انه كان يزداد أقتناعا بإن أشياء هذا العالم لا تستطيع أن تشبع نفسه وكان سندر يمارس اليوجا ليخفف من أحزانه وهمومه وحيرته وفي يوم 14/12/1904م وفي ثورة أحزانه ومخاوفه أخذ سندر الكتاب المقدس وقذف به في النار لعله يهدأ ويستريح ولما رأى أبوه ذلك وبخه قائلا:لماذا هذه الحماقه فالإنجيل يتحدث عن المحبة والسلام؟فأجاب سندر:لأنه كتاب ديانة الغرب ويجب إتلافها وبعد هذه الحادثة أمتلأ سندر امن العذاب والشكوك والقلق متسائلاً ما هو الحق ؟ هل يوجد إله حقاً؟ وما يسوع المسيح إلا رجل عادي فقط وهو مات قبل ألف وتسعمائة سنة تقريباً! ورغم حرقه للإنجيل إلا أن دعوة المسيح التي سمعها في المدرسة ثم قرأها في الإنجيل :تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ ٱلْمُتْعَبِينَ وَٱلثَّقِيلِي ٱلأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُم(متى 11: 28) كانت لا تزال ترن في أعماق نفسه المعذبة ولكنه كان يتسائل:كيف يقدر يسوع الذي لم يكن سوى مجرد انسان أن يهبني تلك الراحة؟ إن الهندوسية وبالرغم مان أنها أجمل ديانات العالم لم تعطيني السلام فكيف تقدر هذه الديانة الجديدة ان تمنحني السلام؟ وبعد هذا وخلال يومين كاملين كان سندر يشعر بأنه أشقى جميع الناس. وكان يعاني من حزن وعذاب نفسي شديد لذلك قرر الانتحار، قائلا: إن كنت لا أجد الحقيقة هنا في هذا العالم ، فسأنتحر على أمل أن أجدها في العالم الآتي. وذهب سندر الى أبيه وقال له: أودعك الآن يا أبي وستجدني ميتاً في الصباح فأجاب أبوه وقال له: لماذا تريد أن تقتل نفسك يا بني؟ فقال سندر: لأن ديانتي الهندوسية لا تقدر ان تعطيني ما يكفي نفسي ويريحها، حتى المال الذي يسد احتياجاتي الأرضية فقط ولكن لا يكفي لإحتياجات نفسي ودبر خطته بدقة للأنتحار ففي المكان الأسفل من حديقتهم كان يمر القطار في الساعة الخامسة من كل صباح فقرر أنه سيطرح نفسه تحت القطار اذا لم ينل جواب لصلواته للحصول على السلام والإكتفاء. وهذا ما كتبه عن هذا اليوم :استيقظت في الساعة الثالثة قبل الفجر من يوم 18/14/1904م وصرفت ساعة ونصفاً في الصلاة، منتظراً ظهور كريشما أو بوذا، أو بعض القديسين الهندوس الآخرين. ولكن أحداً منهم لم يظهر, ولم يبق أمامي سوى نصف ساعة قبل أن انتحر فجثوت على ركبتي وصليت بأكثر لجاجة قائلاً: آه! يا الله إن كنت موجوداً فاعلن لي ذاتك! لم أكد أتلفظ بهذه الطلبة حتى سطع في غرفتي نور عظيم فظننت أن حريقاً حدث في البيت فأسرعت بفتح باب غرفتي ولكني وجدت كل أقسام البيت الأخرى غارقة في الظلام, إذن فقد حدث شيء عجيب، كما لم أرى في حياتي قبلاً.. لأن الغرفة امتلأت بنور عجيب لم يلبث أن اتخذ شكل هالة وفي وسط الهالة رأيت شخصاً مجيداً!... لم يكن هذا بوذا ولا كريشما بل كان يسوع المسيح ولن أنسى وجهه المجيد البهي والمفعم بالحب. وأيضاً لن أنسى كلماته التي وجهها إليّ قائلاً: إلى متى تضطهدني؟ أنا مت لأجلك..أنا مُخلِّص العالم! فخرت عند قدميه معترفاً به ونهضت من سجودي عند موطئ قدمي يسوع مغمور بالفرح الحقيقي وذهبت حالاً إلى أبي ورويت له ما حدث معي وأعلمته بأنني صرت مسيحياً فقال مندهشا :منذ يومين فقط أحرقت الكتاب المقدس، واليوم تقول إنك صرت مسيحياً! كنت تكره المسيح، والآن تريد أن تخدمه. كيف يمكن أن يكون هذا؟
قضى سندر ثلاثة أيام في الصلاة في موضع خلاء وكان يعترف بخطيته ويطلب الغفران ويقول بعد ذلك في مذكراته:بعد ذلك اختبرت بحق نعمة الله ونلت خلاص المسيح المبني على موته الكفاري على الصليب لأجلي وفهمت عدم فائدة محاولاتي وأعمالي الشخصية للحصول على الخلاص ولكم تمتعت بالسلام الكامل والفرح حين حصلت على تأكيد الغفران ولا توجد كلمة في لغة البشر تستطيع وصف الفرح والسلام اللا مثيل له الذي ملأ جوانحي وأستطيع أن أشهد لحقيقة مهمة جداً وهي أنه بالمسيح يسوع يتمتع كل مؤمن حقيقي به بالسماء وهو لا يزال على الأرض.
وأن كان سندر خلص بالنعمة والإيمان دون أعمال الهندوسية إلا أنه بعدما صار مسيحي حقيق صارت أعماله كلها لمجد المسيح فقد ذهب ونادى بالإنجيل في بلاد التيبت تلك الأراضي التي لم تطأها قدما مبشر من قبله ونشر البشارة هناك بحماس لا يوصف وبتضحيات لا يتصورها العقل ثم عاد للمرة الثانية الى تلك البلاد المتعصبة مرة آخرى لكنه لم يعد إلى الآن والأرجح أنه انتقل للسماء من منطقة جبال التيبت التي كان يخدم فيها.
عزيزي القاريء عزيزتي القارئة هل رأيت معي أن قصة حياة الصادهو سندر سنغ تشبه قصة شاول الطرسوسي في أعمال الرسل الأصحاح التاسع التي قال بعدها الرسول لبولس: وَأَنَا أَشْكُرُ الْمَسِيحَ يَسُوعَ رَبَّنَا الَّذِي قَوَّانِي، أَنَّهُ حَسِبَنِي أَمِيناً، إِذْ جَعَلَنِي لِلْخِدْمَةِ، أَنَا الَّذِي كُنْتُ قَبْلاً مُجَدِّفاً وَمُضْطَهِداً وَمُفْتَرِياً. وَلَكِنَّنِي رُحِمْتُ، لأَنِّي فَعَلْتُ بِجَهْلٍ فِي عَدَمِ إِيمَانٍ.وَتَفَاضَلَتْ نِعْمَةُ رَبِّنَا جِدّاً مَعَ الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. صَادِقَةٌ هِيَ الْكَلِمَةُ وَمُسْتَحِقَّةٌ كُلَّ قُبُولٍ: أَنَّ الْمَسِيحَ يَسُوعَ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ لِيُخَلِّصَ الْخُطَاةَ الَّذِينَ أَوَّلُهُمْ أَنَا. لَكِنَّنِي لِهَذَا رُحِمْتُ: لِيُظْهِرَ يَسُوعُ الْمَسِيحُ فِيَّ أَنَا أَوَّلاً كُلَّ أَنَاةٍ، مِثَالاً لِلْعَتِيدِينَ أَنْ يُؤْمِنُوا بِهِ لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ (1تيموثاوس1: 12-16)فَإِنَّكُمْ سَمِعْتُمْ بِسِيرَتِي قَبْلاً فِي الدِّيَانَةِ الْيَهُودِيَّةِ، أَنِّي كُنْتُ أَضْطَهِدُ كَنِيسَةَ اللهِ بِإِفْرَاطٍ وَأُتْلِفُهَا. وَكُنْتُ أَتَقَدَّمُ فِي الدِّيَانَةِ الْيَهُودِيَّةِ عَلَى كَثِيرِينَ مِنْ أَتْرَابِي فِي جِنْسِي، إِذْ كُنْتُ أَوْفَرَ غَيْرَةً فِي تَقْلِيدَاتِ آبَائِي. وَلَكِنْ لَمَّا سَرَّ اللهَ الَّذِي أَفْرَزَنِي مِنْ بَطْنِ أُمِّي، وَدَعَانِي بِنِعْمَتِهِ أَنْ يُعْلِنَ ابْنَهُ فِيَّ لأُبَشِّرَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ أَسْتَشِرْ لَحْماً وَدَماً (غلاطية1: 13-15) وفي شهادته أمام الْمَلِكُ أَغْرِيبَاسُ قال:فَأَنَا ارْتَأَيْتُ فِي نَفْسِي أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَصْنَعَ أُمُوراً كَثِيرَةً مُضَادَّةً لاِسْمِ يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ. وَفَعَلْتُ ذَلِكَ أَيْضاً فِي أُورُشَلِيمَ فَحَبَسْتُ فِي سُجُونٍ كَثِيرِينَ مِنَ الْقِدِّيسِينَ آخِذاً السُّلْطَانَ مِنْ قِبَلِ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ. وَلَمَّا كَانُوا يُقْتَلُونَ أَلْقَيْتُ قُرْعَةً بِذَلِكَ. وَفِي كُلِّ الْمَجَامِعِ كُنْتُ أُعَاقِبُهُمْ مِرَاراً كَثِيرَةً وَأَضْطَرُّهُمْ إِلَى التَّجْدِيفِ. وَإِذْ أَفْرَطَ حَنَقِي عَلَيْهِمْ كُنْتُ أَطْرُدُهُمْ إِلَى الْمُدُنِ الَّتِي فِي الْخَارِجِ (أعمال26: 9-12) حقا لهذا نقول مع الرسول بولس: لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذَلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اَللهِ.لَيْسَ مِنْ أَعْمَالٍ كَيْلاَ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ.لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَالٍ صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا (أفسس2: 8-10) فهل انت نظير شاول الطرسوسي والصادهو سندر سنغ؟ فهل تأتي معي إلي المسيح ليصنع منك طرسوسي القرن الحادي والعشرين فتعيش له وتخدمه فهل مصليا معي؟
صلاة :يا رب التعصب جعلني واحد من العميان لكني بأخلاص آتي إليك أيها الفادي الحنان فارحمني ومتعني بالغفران لأتبعك وأخدمك طوال الزمان آمين