يوحبا الآسير
قابلته في سجنه في السويد أكثر من مرة وصنع لنا ولائم في السجن وعرفت عندها معنى الفرح المسيحي الحقيقي بغض النظر عن الظروف ويسعدني أن اشاركك بقصته ,اسمه الحقيقي عبدو أبراهيم وهو يقول في اختباره :تركت بلدي عام 1980 وهاجرتُ بطريقة غير شرعية إلى إيران في بداية الحرب العراقية الأيرانية وبقيت عدة شهور بعدها غادرت الى تركيا وفي احد الأيام رحلني البوليس الى سوريا عن طريق القامشلي ، وبقيت مدة في سوريا وسكنت الشام ( مساكن برزا ) لمدة طويلة ثم تم ابعادي الى لبنان وبقيت من بداية 81 الى 1990 في لبنان. ولكن بعد ان بسطت القوات اللبنانية شرعيتها في جونيه قررتٌ الهجرة الى الخارج فذهب في البداية الى قبرص وبعدها انتقلت الى بلغاريا ومنها الى موسكو والمحطة الأخيرة كانت السويد حيث جئت عن طريق البحر في عام 1993م في نفس الباخرة التي غرقت بعد ذلك بعام واحد في عام 1994م
في بداية عام 1993م وانا في السويد قررتُ ان اكون رجل اعمال فقمت باستيراد الثريات والأثاث واللوحات من إيطالية وكانت سفرياتي كثيرة ... مرت السنين وأزداد عملي وازدادت معصيتي وأخطائي في كافة المجالات ( لأن المال والشهوة ) هما رأس الحربة في الحياة الحاضرة. وشاءت الظروف اني اختلفت مع احد الأشخاص وهو كردي إيراني حول أمور مالية اردتُ تصفيتها معه بحضور بعض الأشخاص وجلسنا في بيتي لنناقش المشكلة . وكنا نجلس سويا أمام الطاولة وكانت على مائدة الطعام سكينة لقطع اللحم ، لم أتمالك في حينها أعصابي وضربته في صدره ولم أكن أتوقع انه سيرتمى على الأرض ميتا ولن يفيق ولااستطيع الأستمرار في شرح الحدث وما ما حدث بداخلني من شعور في وقتها بعدما قتلته ولكن عليكِ ان تصدق أن قوة شيطانية هي التي سيطرت علي لارتكاب حادث القتل.
حكم عليّ بالسجن المؤبد فأظلمت الدنيا إمامي ودخلتُ السجن وأنا اشعر بالذنب الكبير اني قاتل واستحق الموت عشتُ بعدها أيام وشهور مليئة بالأرق والألم والندم على ما فعلت ، لقد صارت جدران سجني ملحمة صراع نفسي ، تركني الجميع ولم يكترث بيّ إنسان حتى أهلي لأنهم اعتبروا اني جلبتُ عليهم غماً .. بكيت كثيراً وما أكثرها من ليالي توقفت الدموع لأن بكائي لا يفيد ، لا أستطيع النوم والكوابيس تهاجمني عندما أغمض عيني ، وتعاطيت الأدوية المنومنة التي كان يوصفها لي طبيب السجن ومرت حوالي سنة ونصف وفي صبيحة احد أيام الأسبوع جاء لزيارتي قس السجن كان يزورني بين لفترة والأخرى للاطمئنان على وضعي النفسي ، وجلب لي معه بعظ الصحف والمجلات باللغة العربية وكانت هناك مجلة اسمها كتابي وهذه المجلة مسيحية كان فيها إعلان عن وجود مدرسة تدرس الكتاب المقدس ، فسألت نفسي لماذا لا اقتل فراغي بالدارسة والمراسلة ، قد يشغلني هذا الشيء عن التفكير بمشكلتي . فقمت بمراسلة هذه المدرسة وكان هناك شخص يدير القسم العربي للمراسلة وهو مصري يدعى (( مراد غريب )) راسلته ودرست معه الكتاب المقدس (( العهد الجديد )) هذا الكتاب لا زالت احتفظ به ..وفي بداية الامر قرأت في الكتاب المقدس قرائة سطحية وبعد فترة انتهيت من قرائته وقطعت مراسلتي معهم لعدة اشهر وفي احد الأيام من عام 1997 وفي بداية العام وإثناء ترتيبي لأغراضي للانتقال إلى قسم آخر في السجن ظهر أمامي الكتاب المقدس مرة ثانية بعد أن كنت قد تركته جانبا ً ففتحته ومنت مسترخياً في سريري .. وفتحته بدون ان احدد الصفحة فظهرت أمامي هذه الآية : «وَكَمَا رَفَعَ مُوسَى الْحَيَّةَ فِي الْبَرِّيَّةِ هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْفَعَ ابْنُ الإِنْسَانِ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.(يوحنا2: 14-16) وهذه الآيات جعلتني أفكر جدياً بالبحث والتنقيب عن الحق والحقيقة ولسيما الآية التي تلت ذلك : لأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلِ اللَّهُ ابْنَهُ إِلَى الْعَالَمِ لِيَدِينَ الْعَالَمَ بَلْ لِيَخْلُصَ بِهِ الْعَالَمُ. اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُدَانُ وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ قَدْ دِينَ لأَنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِاسْمِ ابْنِ اللَّهِ الْوَحِيدِ. (يوحنا3: 17و18) وبعد تفكير عميق في هذه الأيات نمت وفي الليلة الثانية بدأت بقراءة انجيل يوحنا بشغف كبير ورغبة لم أشعر بها سابقاً وعندما وصلت الى الإصحاح الخامس وقرأته: «اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ. (يوحنا5: 24) تحيرتُ جداً بعدها عاودت الكتابة الى الأخ ( مراد غريب ) طلبت منه ووجهت له عدة أسئلة جاوبني عليها في عدة رسائل لازلت احتفظ بها وكنت بين الحين والآخر أناقش مراد غريب في التلفون او في الرسائل . الغريب من الآمر اني بدأت لا اشعر بثقل السجن أو تناسيت هذا السجن من خلال أشغالي في التفكير والقراءة والتعمق في دراسة الكتاب المقدس . وكنت أكرر قرائة إنجيل يوحنا مرات ومرات وفي احد الليالي سيطر علي فكر بانه لابد لي من أن اتخذ قرار ما! وفي هذه الليلة اقول حقيقة لم اتعشى ولم اشرب ولكني ذهبت الى فراشي واستمريت في القرائة وعندما وصلت الى هذه الكلمات: «إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيُقْبِلْ إِلَيَّ وَيَشْرَبْ. مَنْ آمَنَ بِي كَمَا قَالَ الْكِتَابُ تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ».(يوحنا7: 37) ومن التفكير الشديد نمت وفي تلك الليلة ظهر لي في المنام شخص ناصع البياض في ثيابه أما ملامحه فلم استطع ان أميزها لأنها كانت نور !! هذا حلم وليس حقيقة قال لي بالحرف الواحد لماذا أنت متحير؟ الطريق أمامك واضحة آمن بما يؤمن به أخاك ((مراد)) أعادها عليّ عدة مرات واختفى ..وافقتُ من نومي ليس مذعوراً أو مرتعبا . وفي هذه الليلة رفعتُ نظري الى السماء وهذه أول ليلة انطق بها بكلام من قلبي وقلت لله :يارب أريد ان ترشدني يارب أعفو عني لأني إنسان قاتل ومجرم ... ونمت وفي هذه الليلة وعاودني الحلم مرة ثانية وقال لي أومن يؤمن به أخاك ( مراد )) بصراحة لم أفق إلا في الصباح واتجهت الى التلفون لأتكلم مع الأخ مراد غريب ومن خلال المكالمة قل له أحب ان أخبرك بأني قبلت المسيح مخلصاً على حياتي بعد رحلة طويلة في الدراسة والتأمل .. في ذلك اليوم اتجهت وكلمت قس السجن وطلبت منه ان يعمدني فتعمدت وصار الرب مخلصاً على وسيدا على حياتي ، ورفعني من المذلة ،ورضي الله المحب أن يرتبط بي كأب ، ويتبنى مجرم نظيري ، ما أعجبه من إله وما أروعه من أب حنون !!!
عزيزي القاري عزيزتي القارئة أن الرب يسوع الذي خلص يوحنا الأسير وخلص اللص التائب بجواره عند الصليب يستطيع أن يخلصك أن دعوته الآن فهل تصلي معي؟
صلاة:يا من خلصت أقسى الأشرار يامن تعطي الفرح بدل المرار خلصني وأعطني أن أكون من الأحرار فعوبديتي لك هي أروع أختيار آمين