عبدة الفراعنة
قال "آدم جونز"، الشاب الألماني البالغ من العمر 30 عامًا، لخطيبته "سارة كاميلا"، وهما سائحان ألمانيان كانا في زيارة للقاهرة، وكنت قد جلست أمامهما في كافتيريا برج القاهرة بالجزيرة:
- «كلا يا حبيبتي؛ ليست تضحية إطلاقًا .. لكنها الثقة، الإيمان، الخلود .. إن عشرات الملايين من كل أنحاء العالم الآن يعتنقون ديننا، ولكن بعد هذا اليوم، الأربعاء 29 يوليو 98، سيزداد العدد بكثرة. سأثبت لهم الخلود، ليس فقط بالإيمان بل بالعيان. إن هذا البرج الذي أفتُتح عام 1961 لا يتميز فقط بأنه برج من الأبراج الخرسانية الضخمة في العالم، فارتفاعه 187 مترًا ومساحته فدان وقطره 17 مترًا وبه 64 طابقًا، ولكن ما يميز هذا البرج أنه على النيل، أقدس مكان لممارسة الطقوس عند آلهتنا .. الفراعنة. والآن يا حبيبتي الجميلة اقتربت ساعة الصفر، بقيت دقائق معدودة على الثانية بعد الظهر .. سأقفز من هذا الارتفاع الشاهق ثم أعود إليك هنا صاعدًا بالمصعد .. ولكن إن تأخرت، سنتقابل في حجرة الإله خوفو في تمام الرابعة .. ثقي .. لن أموت .. إنه الخلود، ما أحلى الخلود، نسجد حمدًا للفراعنة آلهتنا .. مجدًا لهم».
انتهى "آدم" من شرب كوب الليمون بسرعة، بينما ظلت "سارة" في هدوء تكمل شراب كوبها.
جلس "آدم جونز" فوق سور الشرفة لدقائق قليلة، وفي تمام الثانية ظهرًا اعتلى السور، وقفز إلى أعلى في الهواء وسط صرخات سائح ليبي كان بجواره يحاول منعه. وفي أقل من دقيقة ارتطم جسده بمكان انتظار السيارات خلف البرج، وتناثرت أشلاء جثته في كل مكان. وعندما أبلغ المواطنون الشرطة استطاعت بمساعدة رجال الدفاع المدني انتزاع الأجزاء القليلة الباقية من أشلاء الجثة المتناثرة، والتي التصقت بسقف الجراج الذي سقط عليه.
أما "سارة" فظلت في هدوء تشرب الليمون، وحسب شهادة عامل مصعد البرج، كانت تستغرب علامات الحزن والهلع التي غطت شهود الحادث، وقالت لهم:
- «لا تخافوا! "آدم" حبيبي سيعود الآن مستخدمًا المصعد .. لقد أكد لي، وأنا مؤمنة أنه لم يمت .. سيعود .. وإن تأخر قليلاً سيعود .. وحتمًا سنتقابل هنا، أو حتى في الرابعة في حجرة الإله خوفو .. لكنه سيعود .. لا بد أن يعود .. إنه الخلود»!!
صديقي .. صديقتي، أخاف أن تسألني:
- «وهل عاد آدم جونز ؟»!
كيف يعود؟! فإن تعددت الأساليب والأكاذيب، بل قل الألاعيب التي يخدع بها الشيطان أتباعه، وإن اختلف الزمان أو المكان؛ فسيبقى ما قاله الرب يسوع عن هذا الخبيث هو الحق، {«ذاك كان قتّالاً للناس من البدء ولم يثبت في الحق لأنه ليس فيه حق. متى تكلم بالكذب فإنما يتكلم مما له لأنه كذاب وأبو الكذاب»} (يوحنا 44:8). {«السارق لا يأتي إلا ليسرق ويذبح ويهلك، أما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل»} (يوحنا 10:10).
أما "سارة كاميلا" و16 شخصًا من الفوج السياحي الألماني، وكلهم من عبدة الفراعنة، فتوجهوا إلى الهرم، وهناك سألهم مفتشو آثار الهرم عن صديقهم الثامن عشر الأشقر طويل القامة .. فحكوا لهم القصة بكل سلاسة، ودفعوا الرسوم ودخلوا قبل الرابعة بعد الظهر حجرة الدفن في هرم خوفو، هناك التفوا في دائرة وظهورهم للحائط ورددوا في خشوع ولهفة اسم صديقهم المنتحر "آدم جونز"، لعله يعود حسب إيمانهم ووعده لهم .. ولكنه لم يعُد!! فخرجوا بعد ساعة في وجوم. ليظل يوم الأربعاء 29 يوليو 98 يوم الخزي لعبدة الفراعنة.
إن لعبدة الفراعنة جماعات كثيرة، فهم 8 مجموعات أساسية، تصل بعض هذه المجموعات إلى أكثر من 5 ملايين فرد في أنحاء العالم، وأهم هذه الجماعات هي جماعة "روزا كروش" التي ينتمي إليهم المنتحر، وجماعة "التوحيد الكوني"، و"قوة التأمل"، و"الجماعة اليابانية". وأشهر تلك الجماعات هي "إدجار كيس"، أما أقل الجماعات فهي "جماعة الطربين الحمراء" ويمثلهم 20 ألف شخص، أما أخطر الجماعات فهي جماعة "نيو إيدج".
ومن أهم مراسيم عبادة عبدة الفراعنة هو النوم داخل توابيت الفراعنة مع وضع اليدين كالمومياء لشحن الجسد بالطاقة النفسية حسب زعمهم، ودهن الوجه باللون الأبيض، ولبس الجلباب الأحمر كزي موحد، والصلاة في غرفة الدفن للملك خوفو أعظم الآلهة عندهم.
لقد آمن الفراعنة بالخلود؛ ولكن كان هذا الخلود الذي عرفه الفراعنة وآمن به غيرهم من الشعوب، خلودًا مظلمًا، غامضًا غير واضح المعالم "كيف .. ومتى"؛ إلى أن جاء مخلصنا يسوع المسيح الذي أبطل الموت وأنار لنا الحياة والخلود بواسطة الإنجيل.
ولكن كيف أنار الرب يسوع المسيح الخلود بواسطة الإنجيل؟
1. أبطل الموت وأنار الخلود: لقد أبطل المسيح الموت (2 تيموثاوس 10:1)، لأنه لم يمت موتًا عاديًا، ولكنه مات للخطية {عالمين أن المسيح بعدما أقيم من الأموات لا يموت أيضًا. لا يسود عليه الموت بعد لأن الموت الذي ماته قد ماته لأجل الخطية مرة واحدة} (رومية 9:6،10) (راجع رومية 12:5-21). فقيامته دليل على أنه سدد كل الدين {أُسلم من أجل خطايانا وأُقيم لأجل تبريرنا} (رومية 25:4). ولهذا كانت الترنيمة {«أين شوكتك يا موت؟ أين غلبتك يا هاوية ؟»} (1 كورنثوس 55:15) (راجع فيلبي 21:1-23).
2. أباد من له سلطان الموت: {فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضًا كذلك فيهما (بالتجسد)، لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت، أي إبليس، ويعتق أولئك الذين خوفًا من الموت كانوا جميعًا كل حياتهم تحت العبودية} (عبرانيين 14:2،15). لقد أباد الرب يسوع الشيطان نفسه بسيفه (الموت)، كما قتل داود جليات بسيفه (1 صموئيل 51:17).
3. أعلن عن شخصه أنه القيامة: عندما قال لمرثا في (يوحنا 25:11) {«أنا هو القيامة والحياة من آمن بي ولو مات فسيحيا، وكل من كان حيًا وآمن بي فلن يرى الموت إلى الأبد»}.
4. المؤمنون الباقون حتى مجيء الرب لن يرقدوا: {هوذا سر أقوله لكم: لا نرقد كلنا} (1 كورنثوس 51:15).
إن كل حديث عن الخلود بدون صليب وقيامة مخلصنا يسوع المسيح هو مجرد أوهام .. خزعبلات أو على الأكثر مجرد فلسفات لا يمكن إثباتها؛ ولكن بالحق المسيح فقط هو الذي ينير لك الخلود بالإنجيل، فهل تأتي إليه؟ إنه القيامة والحياة.
صلاة:
إني الآن إليك أعود يا ضامن الخلود ..
يا من ضحيت لأجلي بدون حدود .. تعال في حياتي لتسود ..
لأنتظرك حتى إليّ قريبًا تعود .. آمين.
زكريا استاورو