اليد البرصاء تفيض بالشفاء!
عندما وصلت "ماري ريد"، الشابة الأمريكية البالغة من العمر 25 عامًا، إلى الهند في عام 1884م، كانت تمتلئ بالهدف .. ألا وهو الرب يسوع، وكيف تنير به ظلام وآلام نساء الهند. ومن "بومباي" بالهند سافرت إلى "كونبور" وإذ بدأت تكرز لهن بالمسيح، واجهت أشد وأقسى أنواع الارتياب والاضطهاد والهواجس التي ملأت قلوب الهندوكيين نحوها. لم يصدقوا أن تأتي فتاة من "أوهايو" واحدة من أجمل ولايات أمريكا، إلى "كونبور" بالهند، فقط لتحدثهم عن شخص يُدعى يسوع المسيح قد مات وقام، وهو الإله المخلص!!
اعتلت صحة "ماري" سريعًا نتيجة للاضطهاد، فنصحها الأطباء أن تذهب إلى جبال "الهمالايا" لتستشفي في أجمل قمم الهند .. وفي جبال "الهمالايا" قضت "ماري ريد" أجمل أيام خلوتها ..
وبينما هي تمر بالجبال، إذ بها تصل إلى مكان كُتب عليه "بيثور اجادا" وما أن دخلت هناك حتى وجدت أكبر معزل للبرص في الهند، فلم تستطع ماري إلا أن تكرر الزيارة لهؤلاء المرضى لتحدثهم عن المسيح الذي أحب وشفى البرص.
عادت "ماري" بعد أن تحسنت صحتها في "الهمالايا"، إلى "كونبور" لتواصل خدمتها وكرازتها بالمسيح.
وبعد أربع سنوات في "كونبور" اعتلت صحة "ماري ريد" ولكن بدرجة سريعة ومُذهلة هذه المرة، لقد تورم الإصبع الأوسط ليدها اليمنى، وظهرت بقع وقروح في وجهها، وكانت آلام حلقها لا تُحتمل، بل وبدأت تفقد الإحساس في بعض أماكن جلدها. فاضطرت "ماري ريد"، تحت وطأة الألم الرهيب، للعودة إلى أمريكا، فكانت بين يدي أشهر أطباء "سينسِناتي"، ثم نيويورك، وسافرت إلى لندن، ليؤكد لها جميع الأطباء أنها أصبحت برصاء لأنها تعاملت مع البُرص في "بيثور اجادا".
- «هل حقًا أصبحتُ برصاء؟ لقد ذهبتُ إلى هناك للشفاء، فصار لي الدواء هو الداء» ..
هل ستعيشين بقية عمرك يا "ماري" برصاء؟ كيف حل المساء، فجاء في عز الصحو والضياء؟ وفي أحشاء الربيع استشرى الشقاء؟ ويا له من شقاء! هل صرتِ برصاء كالتعساء البؤساء في "بيثور اجادا" .. آه .. وفجأة جاء صوت في داخلها .. تأكدت أنه صوت السماء، أتى في الخفاء، ولكنه حوَّلها سريعًا من فتاة تدنو من الفناء، إلى أقوى الأقوياء. إنه صوت الرجاء .. صوت العزاء .. آه ..
- «أنا برصاء، إذًا سأكرس نفسي لخدمة البُرص في الهند. فأنا أنسب من يَخْدُم البُرص، ليس فقط لأني أشعر بآلامهم، ولكن أيضًا لأني لا أخاف من العدوى، فلقد أصبتُ فعلاً بالبرص».
وفي أول باخرة أقلعت "ماري ريد"، وبعد وقت قصير كانت في "بثور اجادا" تخدم البُرص هناك .. ثم انتقلت إلى "شانداج" وأقامت في بيت صغير على قمة سلسلة الجبال المكونة للحافة الغربية لوادي "شور" بالهند.
وفي عام 1898م وضعت حجر أساس لأكبر مستشفى للبرص في العالم، وتم بناء المستشفى والمدارس والكنائس المسيحية بجوارها، وجاء المبشرون والمعلمون والأطباء المرسلون من كل بقاع الأرض إلى جنة "ماري ريد" في "شانداج". وكم تستعجب وأنت تراها، وبالرغم من أن بعض أطرافها قد تساقطت من البرص، جاثية على ركبتيها تنظف قروح هندي يصغي في ذهول لرسالة الإنجيل عن الإله المصلوب الذي أحب البُرص الخطاة ..
ذهبت من قرية إلى قرية لتبحث عن البُرص ليستشفوا في "شانداج". ولعلك تظن أن "ماري ريد" قد ماتت في عز شبابها بسبب هذا. كلا! ففي عام 1940م كانت "ماري ريد" تحتفل في "شانداج" بعيد ميلادها الحادي والثمانين .. لماذا لم تَمُت بالبرص في شبابها؟ .. اسأل الرب يسوع الطبيب العظيم، فهو سيجيبك.
صديقي .. صديقتي، لقد استخدم الله مرض البرص كصورة للخطية، وورد ذِكر 21 أبرص في الكتاب المقدس بعهديه. وفي لاويين 13، 14 حدثنا تفصيليًا عنه:
أنواع البرص:
1. برص البيوت: صورة للعائلات المُنهارة بسبب الخطية (مرقس 25:3).
2. برص الثياب: صورة لفساد أخلاق وصفات الإنسان بسبب الخطية (رومية 12:3-20).
3. برص جلد الإنسان:
الناتئ: أي بروز، صورة لكبرياء الخطية (تكوين 5:3،1 ، بطرس 5:5).
قوباء: جرح قديم، صورة لجروح الخطية (أمثال 36:7، لوقا 10:10).
لُمعة: جزء لامع، تشير إلى جاذبية الخطية (أمثال 21 :33،1 ، يوحنا 6:2).
أعراض البرص:
1. يجعل الشعر أبيض: الخطية تصل بالإنسان إلى منتهى الضعف (هوشع 9:7، رومية 9:5).
2. تمتد: استشراء الخطية، (مَثَل الخميرة) (1 كورنثوس 6:5).
3. ظهور اللحم وتدمير الجلد: الخطية تدمر الحياة (رومية 10:7-13).
4. ظهور بقع حمراء: الخطية تأتي بالموت (أفسس 1:2، لوقا 32:15).
شفاء الأبرص:
1. أن يملأ البرص كل الجسم: إشارة لاعتراف الخاطئ بأنه ممتلئ بالخطية (لوقا 9:18-15).
2. يذبح عصفورًا، ويُوضع دمُه على ماء: صورة لموت المسيح وخروج الماء والدم (يوحنا 34:19).
3. يُوضع عصفور حي في دم العصفور الميت مع خشب أرز وزوفا وقرمز: صورة لدفن المسيح، وأيضًا دفن الكبرياء (خشب الأرز)، وصغر النفس (الزوفا)، والعالم (القرمز).
4. يُرش من دم العصفور المذبوح على الأبرص: صورة لدم المسيح الذي يطهرنا من كل خطية (1يوحنا 7:1).
5. يوضع من دم ذبيحة السلامة على:
شحمة أذن المتطهر اليمنى (صورة للطاعة) (إشعياء 5:50).
إبهام يده اليمنى (الأعمال) (أفسس 9:2).
إبهام الرجل اليمنى (السلوك) (1 يوحنا 6:2).
6. يُوضع الزيت على هذه الأجزاء، صورة لكون الروح القدس هو الذي يُمَكِّننا من الطاعة والعمل والسلوك في حياة تمجد الرب (1كورنثوس 11:6).
صديقي .. صديقتي، إن "ماري ريد" قد صارت برصاء لتعالج البُرص، أما يسوع فقد أخذ أسقامنا وحمل أمراضنا (متى 17:8) فهل تُقبل إليه؟
صلاة:
يا من يداك كحلقتين من ذهب مرصعتان بالزبرجد ولكنهما ثُقبتا من أجلي .. المسني لمسة شافية كما لمست الأبرص فأطهر في الحال .. آمين.
زكريا استاورو
التعليقـــات
| ||