الإنسان الطائر

تمنى الإنسان منذ القديم أن يطير ونرى ذلك واضحا في أسطورة الايكاروس اليونانية القديمة وفي عام 1500م درس الرسام الشهير ليوناردو دافنشي إمكانية الطيران ولكن كان العالم العربي عباس بن فرناس قد طار لمدة 10 دقائق بأجنحة شراعية عام 875م وتعددت المحاولات بعد ذلك حتى طار الأخوان رايت بطائرتهما، ال فلاير 2على هضاب كيتي هاوك يوم 17 ديسمبرعام 1903م وبعدهما قام البرازيلي ألبرتو سانتوس دومون، بالطيران في باقاتالا في 23 أكتوبر 1906م.
وممن حاولوا الطيران كان هانز بابيلنجر Hans Babblinger من مدينة آلم Ulm بمنطقة باقاريا Bavaria في المانيا , حدث هذا قبل قبل طيران الأخوين رايت يحوالي 300 عام وكان هانز يعمل في صناعة الأطراف الصناعية لمن بترت أعضاؤهم. ففي عام 1594م ذهب Hans مع مجموعة كبيرة من أصحابه ومعارفه إلى مرتفعات جبال الألب في بافاريا وكان قد أختار هذا الموقع بعد دراسة دقيقة لمسار الرياح في الجبال وهناك وأمام شهود كثيرن لبس هانز الأجنحة التي كان صنعها بدقة وقفز من أحدى المرتفعات وحلق لدقائق ثم هبط بهدوء في سهل مجاور دون أن يلحق به أي ضرر.
انتشرت أخبار طيران هانز بابيلنجر في كل المانيا وسمع ملك المانيا الخبر وبعد شهور قليلة، زار ملك المانيا المدينة التي يقيم فيها هانز، ورغب الملك أن يرى هذا المخترع الجديد وهو يطير بالأجنحة. فذهب مساعدوا الملك وقادة المدينة إلى هانز وأبلغوه بطلب الملك... ولكن لبعد المسافة ومشقة سفر الملك والحاشية إلى جبال الألب طلبوا من هانز بابيلنجر أن يؤدي استعراضه على أحد المرتفعان بجوار نهر الدانوب Danube في ضواحي بلدتهم بدل من جبال الألب.
جاء وقت الإستعراض، وإجتمع الجمهور مع الملك.. الحاشية والرؤساء والقادة ورجال الكنيسة ليشاهدوا هذا الأمر العجيب.لبس هانز الأجنحة وقفز .... لكن يا للأسف! ولأن الرياح لم تكن ملائمة في ذلك المكان سرعان ما سقط هانز وكأنه حجر ثقيل هاويا الى نهر الدانوب الذي كان تحته ومع أنه لم يصب بسوء لكن إستعراضه باء بالفشل أمام أعين الكثير من المسؤولين وعلى رأسهم ملك المانيا وأسقف المدينة!
ولقد كتب الكاتب المعاصر الشهير ماكس لوكادو Max Lucado معلقا على هذه الحادثة:لم تكن المشكلة في هانز أو في الأجنحة التي إخترعها لكن المشكلة كانت في أن هانز وافق أن يقفز من مكان غير ملائم،حيث لم تكن الرياح كافية،كي يطير.
صديقي القاريء العزيز صديقتي القارئة العزيزة..هل فكرت يوما في الطيران؟ لا أقصد أن تركب طائرة لكن أقصد أن تكون لك أجنحة وتطير! لقد تمنى داود هذا إذ قال:خَوْفٌ وَرَعْدَةٌ أَتَيَا عَلَيَّ وَغَشِيَنِي رُعْبٌ.فَقُلْتُ: [لَيْتَ لِي جَنَاحاً كَالْحَمَامَةِ فَأَطِيرَ وَأَسْتَرِيحَ! هَئَنَذَا كُنْتُ أَبْعُدُ هَارِباً وَأَبِيتُ فِي الْبَرِّيَّةِ. سِلاَهْ.كُنْتُ أُسْرِعُ فِي نَجَاتِي مِنَ الرِّيحِ الْعَاصِفَةِ وَمِنَ النَّوْءِ].(مز55: 5-8) ولقد قال الله قديما لشعبه:أَنَا حَمَلْتُكُمْ عَلَى أَجْنِحَةِ النُّسُورِ وَجِئْتُ بِكُمْ إِلَيَّ(خروج19: 4) لِمَاذَا تَقُولُ يَا يَعْقُوبُ وَتَتَكَلَّمُ يَا إِسْرَائِيلُ:«قَدِ اخْتَفَتْ طَرِيقِي عَنِ الرَّبِّ وَفَاتَ حَقِّي إِلَهِي»؟ أَمَا عَرَفْتَ أَمْ لَمْ تَسْمَعْ؟ إِلَهُ الدَّهْرِ الرَّبُّ خَالِقُ أَطْرَافِ الأَرْضِ لاَ يَكِلُّ وَلاَ يَعْيَا.لَيْسَ عَنْ فَهْمِهِ فَحْصٌ.يُعْطِي الْمُعْيِيَ قُدْرَةً وَلِعَدِيمِ الْقُوَّةِ يُكَثِّرُ شِدَّةً.اَلْغِلْمَانُ يُعْيُونَ وَيَتْعَبُونَ وَالْفِتْيَانُ يَتَعَثَّرُونَ تَعَثُّراً.وَأَمَّا مُنْتَظِرُو الرَّبِّ فَيُجَدِّدُونَ قُوَّةً.يَرْفَعُونَ أَجْنِحَةً كَالنُّسُورِ. يَرْكُضُونَ وَلاَ يَتْعَبُونَ يَمْشُونَ وَلاَ يُعْيُونَ(أشعياء40: 27-31)
صديقي ..صديقتي..لكي نحلق في الأجواء الروحية ونرتفع عن دنايا الأرض وشهوات العالم الرب يحملنا على أجنحة النسور ولكن كما كان الحال مع هانز بابيلنجر يجب أن نكون في الزمان والمكان الذي يريدنا الرب أن نكون فيه كما قال الرب لإيليا : انْطَلِقْ مِنْ هُنَا وَاتَّجِهْ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، وَاخْتَبِئْ عِنْدَ نَهْرِ كَرِيثَ الَّذِي هُوَ مُقَابِلُ الأُرْدُنِّ، فَتَشْرَبَ مِنَ النَّهْرِ. وَقَدْ أَمَرْتُ الْغِرْبَانَ أَنْ تَعُولَكَ هُنَاكَ]. (1ملوك17: 3و4) وَحَتَمَ بِالأَوْقَاتِ الْمُعَيَّنَةِ وَبِحُدُودِ مَسْكَنِهِمْ (أعمال17: 26)أي نعيش في إرادة الله كما كان داود, وَأَقَامَ لَهُمْ دَاوُدَ مَلِكاً الَّذِي شَهِدَ لَهُ أَيْضاً إِذْ قَالَ:وَجَدْتُ دَاوُدَ بْنَ يَسَّى رَجُلاً حَسَبَ قَلْبِي الَّذِي سَيَصْنَعُ كُلَّ مَشِيئَتِي (أعمال13: 22)
وكانت إرادة الله أسلوب حياة الرب يسوع المسيح, قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ(يوحنا4: 34) أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً.كَمَا أَسْمَعُ أَدِينُ وَدَيْنُونَتِي عَادِلَةٌ لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي(يو5: 30) لأَنِّي قَدْ نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ لَيْسَ لأَعْمَلَ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي.وَهَذِهِ مَشِيئَةُ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي: أَنَّ كُلَّ مَا أَعْطَانِي لاَ أُتْلِفُ مِنْهُ شَيْئاً بَلْ أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ.لأَنَّ هَذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ الَّذِي أَرْسَلَنِي: أَنَّ كُلَّ مَنْ يَرَى الاِبْنَ وَيُؤْمِنُ بِهِ تَكُونُ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ». (يوحنا6: 38-40) وهذه هي مشيئة وأرادة الله تجاهي وتجاهك:
1-التوبة والخلاص: مُخَلِّصِنَا اللهِ،الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ(1تيموثاوس2: 4)لاَ يَتَبَاطَأُ الرَّبُّ عَنْ وَعْدِهِ كَمَا يَحْسِبُ قَوْمٌ التَّبَاطُؤَ، لَكِنَّهُ يَتَأَنَّى عَلَيْنَا،وَهُوَ لاَ يَشَاءُ أَنْ يَهْلِكَ أُنَاسٌ، بَلْ أَنْ يُقْبِلَ الْجَمِيعُ إِلَى التَّوْبَةِ(2بطرس3: 9)
2-الحرية من شرور العالم: رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ،الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ لأَجْلِ خَطَايَانَا، لِيُنْقِذَنَا مِنَ الْعَالَمِ الْحَاضِرِ الشِّرِّيرِ حَسَبَ إِرَادَةِ اللهِ وَأَبِينَا (غلاطية1: 4) وَالْعَالَمُ يَمْضِي وَشَهْوَتُهُ، وَأَمَّا الَّذِي يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ فَيَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ (1يوحنا2: 17)
3-أن يطهرنا:فَأَتَى إِلَيْهِ أَبْرَصُ يَطْلُبُ إِلَيْهِ جَاثِياً وَقَائِلاً لَهُ:«إِنْ أَرَدْتَ تَقْدِرْ أَنْ تُطَهِّرَنِي!»فَتَحَنَّنَ يَسُوعُ وَمَدَّ يَدَهُ وَلَمَسَهُ وَقَالَ لَهُ:«أُرِيدُ فَاطْهُرْ» (مرقس1: 40و41)
4-أن نكون تلاميذه: ثمَّ صَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ وَدَعَا الَّذِينَ أَرَادَهُمْ فَذَهَبُوا إِلَيْهِ.وَأَقَامَ اثْنَيْ عَشَرَ لِيَكُونُوا مَعَهُ وَلْيُرْسِلَهُمْ(مرقس3: 13)
5-أن نعرف التعليم :إِنْ شَاءَ أَحَدٌ أَنْ يَعْمَلَ مَشِيئَتَهُ يَعْرِفُ التَّعْلِيمَ هَلْ هُوَ مِنَ اللَّهِ أَمْ أَتَكَلَّمُ أَنَا مِنْ نَفْسِي.(يو7: 17)
6-حياة العطاء :لأَنَّهُمْ أَعْطَوْا (كَنَائِسِ مَكِدُونِيَّةَ) حَسَبَ الطَّاقَةِ، أَنَا أَشْهَدُ، وَفَوْقَ الطَّاقَةِ، مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِمْ .. بَلْ أَعْطَوْا أَنْفُسَهُمْ أَوَّلاً لِلرَّبِّ، وَلَنَا، بِمَشِيئَةِ اللهِ.(2كورنثوس8: 3-5)
7-حياة القداسة :لأَنَّ هَذِهِ هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: قَدَاسَتُكُمْ. أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ الزِّنَا (1تسالونيكي4: 3)
8-الأمانة في العمل:بَلْ كَعَبِيدِ الْمَسِيحِ، عَامِلِينَ مَشِيئَةَ اَللهِ مِنَ الْقَلْبِ،خَادِمِينَ بِنِيَّةٍ صَالِحَةٍ كَمَا لِلرَّبِّ، لَيْسَ لِلنَّاسِ.(أف6: 6)
9-حياة الكمال والملء:يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ ابَفْرَاسُ، الَّذِي هُوَ مِنْكُمْ،عَبْدٌ لِلْمَسِيحِ،مُجَاهِدٌ كُلَّ حِينٍ لأَجْلِكُمْ بِالصَّلَوَاتِ، لِكَيْ تَثْبُتُوا كَامِلِينَ وَمُمْتَلِئِينَ فِي كُلِّ مَشِيئَةِ اللهِ.(كولوسي4: 12)
10-حياة الشكر: اشْكُرُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ، لأَنَّ هَذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ اللهِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ مِنْ جِهَتِكُمْ (1تسالونيكي5: 18)
11-حياة الثقة:فَلاَ تَطْرَحُوا ثِقَتَكُمُ الَّتِي لَهَا مُجَازَاةٌ عَظِيمَةٌ.لأَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى الصَّبْرِ،حَتَّى إِذَا صَنَعْتُمْ مَشِيئَةَ اللهِ تَنَالُونَ الْمَوْعِدَ (عب10: 35)
12-حتى في الألم : فَإِذاً، الَّذِينَ يَتَأَلَّمُونَ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ فَلْيَسْتَوْدِعُوا أَنْفُسَهُمْ كَمَا لِخَالِقٍ أَمِينٍ فِي عَمَلِ الْخَيْرِ.(1بط4: 19)
فهل تطلب من الله أن تعيش معه إرادته؟ هل تصلي معي؟
صلاة :يا إلهي يا من تحملني على أجنحة النسور أشكرك لأني بك دائما سأكون منصور أسلمك كل حياتي من الآن وإلى دهر الدهور آمين

زكريا استاورو