لمبة البنزين

حكي لي الدكتور "شريف عازر" طبيب التخدير "بلوس أنجلوس" بأمريكا، هذه القصة الحقيقية التي حدثت معه، وكانت سببًا في تغيير حياته. وإليك القصة كما حكاها لي:
حدث في يوم الخميس 24 نوفمبر 1994م، وكان ذلك اليوم هو عيد الشكر بأمريكا حيث أنه من المعتاد أن تجتمع كل عائلة معًا على الغداء الذي يكون في العادة من الديك الرومي. وكان الدكتور "شريف" يسرع عائدًا من عمله إلى لبيت بعربته المرسيدس السوداء اللون حتى يشارك عائلته الاحتفال بعيد الشكر. وفي الساعة الثالثة ظهرًا كانت لمبة البنزين تتحول للون الأحمر لتنذره بنفاذ البنزين من العربة، ولكن الدكتور "شريف" لم يتحذر. لقد كان يفكر في روعة الاحتفال في المنزل بالعيد مع العائلة، ولم يأخذ تحذير لمبة البنزين على محمل الجد، وكان يشعر أنه حقق ما يريد وهو يقترب من البيت.
ولكن على بعد ميل واحد من البيت على طريق "جلندال" بجوار مخرج "فرديجو" توقفت السيارة فجأة في الناحية اليمنى من الطريق بعد أن نفذ البنزين، وكان عدد العربات على الطريق قليل جدًا لأن الجميع كانوا يحتفلون بعيد الشكر. وبينما الدكتور "شريف" يجلس في كرسي القيادة ويحاول الاتصال بصديق ليساعده، توقفت أمامه سيارة قديمة بنية اللون من طراز "هوندا" ونزل منها شاب يبلغ من العمر حوالي 26 عامًا، وتقدم تجاه شباك السيارة حيث يجلس الدكتور "شريف" أمام عجلة القيادة، وقال له: - «أنت تحتاج لمساعدة!»
وانحنى على الشباك ويداه داخل العربة حتى لا يرى أحد بالخارج ماذا يفعل، ووجه المسدس بيده لرأس الدكتور "شريف" وطلب منه أن يعطيه كل شيء معه من النقود والكروت ودفتر الشيكات والتليفون المحمول والساعة، وحتى النظارة، بعدما تأكد أن السيارة لا تتحرك ولا يمكنه سرقتها.
كان الدكتور "شريف" قد عرف رقم سيارة مهاجمه الواقفة أمامه، لهذا كان من الطبيعي في مثل هذه الحالات - ولا سيما أن عدد العربات في الطريق نادر جدًا، وأن بعض الشباب يتعاطون المخدرات والخمور في مثل هذا اليوم بصورة مفرطة - أن يطلق المهاجم الرصاص على الضحية حتى يتأكد من أنه لن يبلغ البوليس بعدما عرف رقم السيارة, لكن بعدما أعطى الدكتور "شريف" كل شيء بهدوء للشاب الذي هاجمه، تركه الرجل بعدما أخذ كل ما أراد، وركب سيارته القديمة، وترك الطريق بسرعة جنونية، وترك الدكتور "شريف" يشكر الله أن حياته لم تنته، وأن الله قد وهبه عمرًا جديدًا رغم أنه لم يتحذر من لمبة البنزين الحمراء. وبعدما سار على قدميه حوالي نصف ساعة، استطاع أن يتصل بصديق له أحضر له البنزين. ورجع بسلام إلى بيته.
كان عيد الشكر بالنسبة للدكتور "شريف" هذا العام مختلفًا جدًا، فلمبة البنزين الحمراء التي أهمل إنذارها له ذكرته بلمبة بنزين الحياة. ورغم كونه متدينًا مسيحيًا، لكنه لم تكن له علاقة شخصية مع الرب يسوع، ولم يكن يتمتع بالسلام الإلهي الخاص بالأبدية، ولم يكن مستعدًا للقاء الله كما هو مكتوب: {فَاسْتَعِدَّ لِلِقَاءِ إِلَهِكَ} (عاموس4: 12) لهذا - ومن هذا اليوم - أعطى كل حياته للرب يسوع بعد أن تقابل بالإيمان مقابلة شخصية مع المسيح، وكأنه يقول في عيد الشكر مع داود النبي: {مَاذَا أَرُدُّ لِلرَّبِّ مِنْ أَجْلِ كُلِّ حَسَنَاتِهِ لِي؟ كَأْسَ الْخَلاَصِ أَتَنَاوَلُ وَبِاسْمِ الرَّبِّ أَدْعُو} (مزمور116: 12) {بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ وَلاَ تَنْسَيْ كُلَّ حَسَنَاتِهِ. الَّذِي يَغْفِرُ جَمِيعَ ذُنُوبِكِ ... الَّذِي يَفْدِي مِنَ الْحُفْرَةِ حَيَاتَكِ} (مز103: 3).
عزيزي القاريء .. عزيزتي القارئة، هل لاحظت لمبة البنزين في حياتك؟ هل رأيتها تتحول للَون الأحمر؟ تحذر من الإهمال فمكتوب: {ِفَكَيْفَ نَنْجُو نَحْنُ إِنْ أَهْمَلْنَا خَلاَصًا هَذَا مِقْدَارُهُ} (عبرانيين2: 3) ولا تستهن بتحذيرات الله فمكتوب: {ِلذَلِكَ أَنْتَ بِلاَ عُذْرٍ أَيُّهَا الإِنْسَانُ ... أَمْ تَسْتَهِينُ بِغِنَى لُطْفِهِ وَإِمْهَالِهِ وَطُولِ أَنَاتِهِ غَيْرَ عَالِمٍ أَنَّ لُطْفَ اللهِ إِنَّمَا يَقْتَادُكَ إِلَى التَّوْبَةِ؟ وَلَكِنَّكَ مِنْ أَجْلِ قَسَاوَتِكَ وَقَلْبِكَ غَيْرِ التَّائِبِ تَذْخَرُ لِنَفْسِكَ غَضَبًا فِي يَوْمِ الْغَضَبِ واسْتِعْلاَنِ دَيْنُونَةِ اللهِ الْعَادِلَةِ} (رومية2: 1-5)
كم من المرات أنذرك الله لكي ترجع وتعود إلى أحضانه وأنت لم تبالِ؟ربما كانت لمبة البنزين في حياتك أخطارًا واجهتها أو حوادث رأيتها ورأيت البعض يموتون أمام عينيك. ربما زلازل أو حروب أو أمراض فتاكة. ويمكن أن تكون لمبة البنزين في حياتك ترنيمة سمعتها وتأثرت بها لكنك أهملت الرجوع لله. أو عظة أو آيه من الكتاب المقدس أو نبذه كلمك الله من خلالها لكنك أهملت صوته. ويمكن أن تكون لمبة البنزين في حياتك خير وفير أكرمك الرب به لكنك لم تشكره أو حتى تذكره. ويمكن أن تكون خيانة تعرضت لها أو فشل في أمر ما ... كلها أمور سمح بها الله لتترك ثقتك في نفسك وفي الناس وتعلن عطشك واحتياجك لله، لكنك أهملت لمبة البنزين.
كل ما ذكرته لك كان يبدأ بربما، لكن الأكيد هو أن لمبة البنزين الحمراء التي تتلون أمامك باللون الأحمر هي دماء المسيح التي سالت لأجلك ولأجلي على الصليب، لأنه يحبك. ألا تسأل نفسك: لماذا قاسى المسيح كل هذا؟ طبعًا ليفديني ويفديك. أدعوك أن تقرأ إشعياء53 {وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا. كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ واحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ والرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا. ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ} .. فهل تتحذر من لمبة البنزين الحمراء وتعمل كما عمل الدكتور "شريف" وتصلي معي؟
صلاة:  يا رب يسوع أنت أحن صديق  أشكرك لأجل تحذيرك الرقيق  أنني للخطية عبدٌ من الرقيق  فحررني لأبدأ معك الطريق  أشهد عن دمك الذي لأجلي قد أريق  آمين
زكريا استاورو