نظارة جدو

كتبت "شيريل والترمان ستيورت" Cheryl Walterman Stewart هذه القصة الحقيقية عن الجد "نيباكين" Nybakken الذي كان نجارًا ماهرًا، وكان يعيش في مدينة "شيكاجو" بالولايات المتحدة الأمريكية وكان مسيحيًا حقيقيًا مرحًا.
في إحدى ليالي الشتاء القارص كان الجد "نيباكين" في الكنيسة بوسط "شيكاجو" يصنع الصناديق الخشبية التي ملأها بالملابس التي كان سيرسلها أعضاء الكنيسة للملجإ في الصين. وبعدما صنع الصناديق وملأها بالملابس، سمرها بالمسامير، وأغلقها جيدًا، وسلمها للكنيسة، التي أرسلتها سريعا للشحن البحري للصين.
في أثناء عودة الجدّ لمنزله، بحث عن نظارته الجديدة التي كلفته بالأمس عشرين دولارًا، ولم يكن قد لبسها بعد, ولما بحث عنها في جيبه لم يجدها، مع أنه تذكر أنه وضعها في جيب قميصه في هذا الصباح.
فعاد مرة أخرى للكنيسة وبحث عنها في كل مكان، فلم يجدها. فرجع الجد لمنزله بعد أن تأكد أن النظارة قد سقطت منه، ربما في الشارع أو في أي مكان آخر، أو ربما تكون قد سقطت من جيبه داخل أحد صناديق الملابس الخشبية التي كان قد أغلقها مسمرًا إياها بالمسامير. وكانت تُشحن في البحر في طريقها للصين ..
- «آه .. ربما تكون نظارتي الجديدة في طريقها للصين الآن! ..»
هكذا خاطب الجد نفسه وهو حزين!
شعر الجد في ذلك المساء بالضيق الشديد، وطفق يناجي الرب قائلا:
- «لماذا يارب تسمح لي بأن أفقد نظارتي الجديدة؟! لقد دفعت 20 دولارًا في هذه النظارة بالأمس، وإمكانياتي محدودة، وأعتني بأولادي الستة، وأنا ضحيت بوقتي في عمل الصناديق لإرسالها للملجإ في الصين .. لماذا تسمح لي بهذا يا ربي؟!»
مرت عدة شهور حتى جاء المرسل مدير الملجإ من الصين لزيارة الولايات المتحدة الأمريكية، وأراد أن يزور كل الكنائس التي عضدت الملجأ في الصين. وفي يوم الأحد مساءً، كان المدير يتكلم في الكنيسة التي يحضر فيها الجد "نيباكين" في "شيكاجو"، وكان الجد وعائلته جالسين بين الحاضرين في الكنيسة، حينما قال مدير الملجإ:
- «شكرًا لكم على كل ما أرسلتموه، ولكن أودّ أن أشكركم بشكل خاص جدًا على النظارة التي أرسلتموها إليَّ، فلقد حطم الشيوعيون كل شيء، ولكن أهم ما حطموه لي كان نظارتي، وعندها لم أستطع أن أواصل الخدمة والكرازة، وشعرت بالصداع المستمر في رأسي ولم أقدر على قراءة الكتاب المقدس، وبالتالي لم أستطع كتابة أية مذكرات أو تقارير, وتوقفت خدمتي بالكامل. وحتى لو توفرت معي النقود في الصين، كيف يمكنني عمل نظارة هناك؟ هذا مستحيل! فقررنا أنا والمرسلين أن نصلي للرب ليحل هذه المشكلة، ولكن شكرًا لكم؛ ما أن فتح العاملون في الأرسالية معي الصناديق التي أرسلتموها، حتى وجدنا النظارة على السطح، وما أن لبستها حتى وجدتها مضبوطة تمامًا، وكأنها مصنوعة خصيصا لعيني. شكرًا لكم لأنكم أهتممتم بهذا وعرفتم المقياس الصحيح لنظارتي .. هي بالضبط مناسبة لي بل مضبوطة أكثر من التي كسرها الشيوعيون!»
ساد الصمت في الكنيسة، وعندها رد الحاضرين:
- «ولكننا لم نرسل لك نظارة، وهي ليست ضمن قائمة الأشياء التي أرسلناها لكم!»
وعندها وقف الجد النجار "نيباكين" والدموع تسيل من عينيه شاكرًا نجار الناصرة الأعظم الذي استخدم نظارته بطريقة عجيبة، حتى لو كان تذمر ولم يعلم وقتها ما يعمله الرب معه.
صديقي القاريء العزيز .. صديقتي القارئة العزيزة، إن الجد "نيباكين" النجار أرسل نظارته للمُرسَل وهو لا يدري، أما نجار الناصرة الأعظم، الرب يسوع المسيح، فمكتوب عنه: {وَخَرَجَ مِنْ هُنَاكَ وَجَاءَ إِلَى وَطَنِهِ وَتَبِعَهُ تَلاَمِيذُهُ. وَلَمَّا كَانَ السَّبْتُ ابْتَدَأَ يُعَلِّمُ فِي الْمَجْمَعِ. وَكَثِيرُونَ إِذْ سَمِعُوا بُهِتُوا قَائِلِينَ: «مِنْ أَيْنَ لِهَذَا هَذِهِ؟ وَمَا هَذِهِ الْحِكْمَةُ الَّتِي أُعْطِيَتْ لَهُ حَتَّى تَجْرِيَ عَلَى يَدَيْهِ قُوَّاتٌ مِثْلُ هَذِهِ؟ أَلَيْسَ هَذَا هُوَ النَّجَّارَ ابْنَ مَرْيَمَ؟»} (مرقس6: 1-3)
لقد جاء المسيح، لا بنظارة، بل كان هو النور الحقيقي: {فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ والْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ الله وَكَانَ الْكَلِمَةُ الله ... فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ وَﭐلنُّورُ يُضِيءُ فِي الظُّلْمَةِ وَالظُّلْمَةُ لَمْ تُدْرِكْهُ ... كَانَ النُّورُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي يُنِيرُ كُلَّ إِنْسَانٍ آتِيًا إِلَى الْعَالَمِ، كَانَ فِي الْعَالَمِ وَكُوِّنَ الْعَالَمُ بِهِ وَلَمْ يَعْرِفْهُ الْعَالَمُ} (يوحنا 1: 1-9) ونحن لم نكن ضعاف البصر فحسب، كمدير الإرسالية، لكن كنا عميان تمامًا. وإليك تاريخ العمى الحرفي الذي يرمز للعمى الروحي في الكتاب المقدس:
1- الشهوة الجسدية: كأهل سدوم (تكوين 19: 18).
2- النوم فى الأحضان العالمية: كما حدث لشمشون مع دليلة ( قضاة 16: 21).
3- قوة الحية الإبليسية: ما كان ناحاش يريد أن يعمله (1صموئيل 11: 2).
4- العداء للرب والكراهية: الذين أرادوا قتل أليشع النبي (2ملوك 6: 18).
5- إهمال نور البشرية: كما عُمِل لصدقيَّا (إرميا52: 11).
6- رؤية الأمجاد الإلهية: عندما تقابل شاول الطرسوسي مع المسيح (أعمال 9: 8).
7- استخدام الأعمال السحرية: باريشوع الساحر (أعمال 13: 10).
كان مكتوب عنا: {النَّاسَ فَيَمْشُونَ كَالْعُمْيِ، لأَنَّهُمْ أَخْطَأُوا إِلَى الرَّبِّ} (صفنيا1: 17) {وَلَكِنْ إِنْ كَانَ إِنْجِيلُنَا مَكْتُومًا، فَإِنَّمَا هُوَ مَكْتُومٌ فِي الْهَالِكِينَ، الَّذِينَ فِيهِمْ إِلَهُ هَذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ ... لأَنَّ اللهَ الَّذِي قَالَ أَنْ يُشْرِقَ نُورٌ مِنْ ظُلْمَةٍ، هُوَ الَّذِي أَشْرَقَ فِي قُلُوبِنَا، لإِنَارَةِ مَعْرِفَةِ مَجْدِ اللهِ فِي وَجْهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ} (2كورنثوس4: 3-5)
لقد انفرد الرب يسوع بتفتيح أعين العميان؛ فقد قال عن نفسه: {«أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ»} (يوحنا8: 12)، وكانت النبوة عنه: {وَيَسْمَعُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الصُّمُّ أَقْوَالَ السِّفْرِ وَتَنْظُرُ مِنَ الْقَتَامِ وَالظُّلْمَةِ عُيُونُ الْعُمْيِ ... حِينَئِذٍ تَتَفَقَّحُ عُيُونُ الْعُمْيِ وَآذَانُ الصُّمِّ تَتَفَتَّحُ ... وَأُسَيِّرُ الْعُمْيَ فِي طَرِيقٍ لَمْ يَعْرِفُوهَا. فِي مَسَالِكَ لَمْ يَدْرُوهَا أُمَشِّيهِمْ. أَجْعَلُ الظُّلْمَةَ أَمَامَهُمْ نُورًا وَالْمُعْوَجَّاتِ مُسْتَقِيمَةً} (إشعياء29: 18و35: 5 و42: 16) فهل تأتي إليه مصليا معي؟
صلاة:
أيها المسيح القدير  يا من سُمرت لأجلي بالمسامير ..  أعترف لك أني شرير  فغيِّرن قلبي الضرير ليتحول إلى قلبٍ منير  يهتدي بنورك في المسير.  آمين.
زكريا استاورو