الإيمان و مخاطرة

في عام 1859م، وقف الفرنسي الشهير "بلوندون" على خيط من السلك يعبر به شلالات "نياجارا" وقال للجماهير:
«هل تؤمنون بقدرتي على العبور على هذا السلك؟» فأجابوا بهتاف:
«نعم»، فقال:
«إذًا من يأتي لأحمله على كتفي وأعبر به؟»
الجميع خافوا؛ فهم يعتقدون بقدرة "بلوندون" علي عبور شلالات "نياجارا" على سلك، ولكن من الذي لا يخشى المخاطرة؟! إذًا هم يعتقدون بقدرته، ولكنهم لا يؤمنون! فالإيمان يعني المخاطرة المحسوبة. إلا أن شخصًا واحدًا منهم وثق في "بلوندون" فعبر به من فوق السلك فوق شلالات "نياجارا".
ونحن علينا أن نؤمن قلبيًا ونرتمي على الرب يسوع المسيح ونثق في كفاية وكمال عمل صليبه، فيعبر بنا ليس فقط الحياة التي هي أكثر هيجانًا وانحدارًا من شلالات "نياجارا"، بل يعبر بنا أيضًا بحر الدينونة. دعونا نثق بالرب، فالإيمان هو العملة التي يتعامل بها الله مع البشر: {لَكِنْ بِدُونِ إِيمَانٍ لاَ يُمْكِنُ إِرْضَاؤُهُ، لأَنَّهُ يَجِبُ أَنَّ الَّذِي يَأْتِي إِلَى اللهِ يُؤْمِنُ بِأَنَّهُ مَوْجُودٌ، وَأَنَّهُ يُجَازِي الَّذِينَ يَطْلُبُونَهُ} (عبرانيين6:11). فالإيمان مخاطرة محسوبة. ولكن لماذا نصفها بالمحسوبة؟ الجواب هو: لأنها مبنية علي وعود الله في الكتاب المقدس {وَعِنْدَنَا الْكَلِمَةُ النَّبَوِيَّةُ، وَهِيَ أَثْبَتُ} (2بطرس19:1) {حَتَّى بِأَمْرَيْنِ عَدِيمَيِ لتَّغَيُّرِ،(الوعد والقسم) لاَ يُمْكِنُ أَنَّ اللهَ يَكْذِبُ فِيهِمَا، تَكُونُ لَنَا تَعْزِيَةٌ قَوِيَّةٌ، نَحْنُ الَّذِينَ الْتَجَأْنَا لِنُمْسِكَ بِالرَّجَاءِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا، الَّذِي هُولَنَا كَمِرْسَاةٍ لِلنَّفْسِ مُؤْتَمَنَةٍ وَثَابِتَةٍ} (عبرانيين18:6-19). كما قال "هدسون تايلور" رائد الإرساليات الحديثة في الصين: «يؤسس الإيمان الحقيقي دائمًا علي وعد من مواعيد الله أو علي فقرة من الكتاب المقدس، هذا أمر علي جانب كبير من الأهمية فالمؤمن يقرأ أو يسمع وعدًا ما من الله، فيأخذ الروح القدس ذلك الوعد ويطبقه في قلبه وضميره ويجعله وعدًا شخصيًا وليس فقط وعدا عامًا، فيدرك المسيحي أن الله قد كلمه مباشرة وبثقة تامة في الذي وعد وهو أهل لكل ثقة. ويحسب المؤمن أن الوعد مؤكد ومضمون كما لوكان قد تم فعلاً، حتى لو بدا مستحيلاً من وجهة النظر الطبيعية، وبدا السلوك بموجبه مخاطرة».
إن وجود الوعد الشخصي مهم جدًا، فلقد حكى "بول يونج شو" الخادم الكوري المعاصر الشهير عن تلك القصة الحقيقية حيث قال : «بحثت في القاموس اليوناني للدكتور "هـ. أ. أيرنسايد" فوجدت أن كلمة الله التي قيلت هي في الأصل "لوجوس" وهي كلمة الله العامة للجميع أما "رِمَا" فهي كلمة الله التي تُقال لشخص محدد.
وكثير من المفسرين قدموا تعريفا "للرما" بأنها كلمة الله المحددة لشخص محدد في ظرف محدد. هذا ما لم تدركه الثلاث فتيات اللواتي حضرن مؤتمر الشابات التي كانت تخدم فيه الأخت "ين هاي كينج"، فأثناء المؤتمر ازدادت الأمطار وفاضت الأنهار، وعندما ذهبت الشابات إلي شاطئ النهر وجدوه ثائرًا بعنف ولم يكن هناك كوبري أومركب، فقرروا العودة، لكن ثلاث فتيات منهن تسائلن: «لماذا لا نخوض داخل النهر ونصل للشاطئ المقابل؟ لقد سار بطرس فوق المياه، وإله بطرس هو إلهنا، هيا نعبر». وأمسكن بعضهن بأيدي البعض، وأمام أنظار بقية الجمع المحتشد بدأن المغامرة غير المحسوبة وسرن داخل المياه. وللأسف ابتلعتهن الأمواج الثائرة وسحبتهن إلي الأعماق ولم يعد أحد يراهن بعد. وبعد ثلاثة أيام وجدوا جثثهن عند مصب النهر.
القارئ العزيز .. القارئة الفاضلة، أسمعك تسألني قائلا: «هل تريد أن تشجعنا علي الإيمان أم تفشلنا؟»، في الواقع إني أريد أن أذكِّرك أن الإيمان مغامرة ولكن لا بد أن تكن محسوبة. نعم! لا بد أن تكون محسوبة، أي على أساس وعد شخصي من الرب لك حيث يستخدم الروح القدس الوعود العامة ليخصصها لك، وعندها ستتمتع بأجمل رحلة إيمان في أروع المغامرات المحسوبة. فلقد قال رجل الإيمان "جورج مولر": «إن دائرة الإيمان تبدأ حيث تنتهي الممكنات، وحيث يفشل العيان والحس يقول الإيمان: أستطيع أن أتمم المستحيل». وكتب "ف. هارتلي وايت" في كتابه "الإيمان الذي نحتاج إليه" عن إيمان "جورج مولر" أنه عندما كان يصلي لأجل أيتام "بريستول" في إنجلترا، كان يذهب إلى الله بيقين وجسارة طالبًا لأجل الأطفال المحتاجين الذين أوكله الله على تربيتهم ورعايتهم، وكان الله يستجيب صلاته دائمًا، وكان يمده بكل ما يحتاج إليه.
وهذه واحدة من أزهار الإيمان في بستان "جورج مولر", ذلك الإيمان الذي وهبه له الله، لأن الإيمان {عطية الله} (أفسس8:2): كان "جورج مولر" يومًا على ظهر سفينة تبحر من إنجلترا إلي كندا، وكان يوم أربعاء، وكان قد ترتب أن يعظ في مقاطعة كوِبيك بكندا بعد ظهر السبت، فتوجه "مولر" إلى القبطان وقال له:
«يجب علي أن أكون في كويبك بعد ظهر السبت», فأجابه القبطان:
«مستحيل!». فقال "مولر" للقبطان:
«لمدة 57 سنة أخدم الرب ولم أخلف ميعادًا للخدمة». فقال القبطان:
«كنت أود أن أساعدك ولكن كيف؟ ليس بيدي أن أفعل شيئًا». فاقترح عليه "مولر" أن ينزلا معا إلي غرفة القيادة للصلاة. فقال القبطان:
«هل تعلم يا مستر "مولر" مدى كثافة الضباب؟». فأجاب مولر:
«كلا إن عيني ليست إلي الضباب الكثيف، بل إلي الله الحي الذي يحكم كل ظروف الحياة».
فذهبا كلاهما إلي غرفة القيادة، وقد وصف القبطان فيما بعد الصلاة التي صلاها "مولر" بأنها تشبه صلاة طفل في الثامنة أو التاسعة، فكان إيمانه كإيمان الطفل الصغير وكان مضمون صلاته: «يا رب إنني أومن أنها إرادتك أن أكون في "كوبيك" بعد ظهر السبت. أرجوك أن تمحو هذا الضباب في ظرف خمس دقائق. وكان القبطان ينوي أن يصلي ولكنه تردد لعدم إيمانه. فقال له "مولر" بوداعه ورقة: إنك لا تؤمن أنه سيستجيب، لكنني أومن أنه قد استجاب. انهض الآن أيها القبطان وافتح باب القمرة وسوف ترى أن الضباب قد زال»!
ولما فعل القبطان ذلك كان الضباب قد زال فعلاً. وبعد ظهر السبت كان "مولر" يعظ في "كويبك" في الوقت المحدد سلفًا، متمتعا ولو جزئيًا بما ذُكر عن إيليا النبي: {كَانَ إِيلِيَّا إِنْسَانًا تَحْتَ الآلاَمِ مِثْلَنَا، وَصَلَّى صَلاَةً أَنْ لاَ تُمْطِرَ، فَلَمْ تُمْطِرْ عَلَى الأَرْضِ ثَلاَثَ سِنِينَ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ. ثُمَّ صَلَّى أَيْضًا فَأَعْطَتِ السَّمَاءُ مَطَرًا وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ ثَمَرَهَا} (يعقوب17:5-18).
ولقد كتب رجل الصلاة المعروف "أندرو موري" في كتابه "الشفاء الإلهي" عن سيدة كانت تعاني من أمراض مختلفة حملوها إلى اجتماع صغير تقدَّم فيه خدمة الإنجيل، وأضجعوها فوق "كنبة" وكانت في شدة المرض حتى أنها لم تستطع أن تفهم إلا القليل من العظة، ولكن الخادم بإرشاد الروح القدس اقتبس شاهدًا واحدًا: {هوأخذ أسقامنا وحمل أمراضنا} (متى17:8). وبدا لها كأن الله يقول لها: «إن المسيح قد حمل أمراضك فلماذا تحملينها أنت؟ قومي!» جاءها هذا الصوت مرتين، فقامت أمام أنظار الحاضرين الذين هالهم المنظر. ومن تلك اللحظة بدأت تستعيد صحتها سريعًا وكانت المعجزة، لأنها استندت على كلمة الله كأساس لإيمانها بقوة المسيح الشافية {الذي يشفي كل أمراضك} (مز3:103).
إن الإيمان والتمسك بهذا الوعد له نتائج مذهلة, فبعد أن قضى د. "أ. ب. سمبسون" سنوات عديدة في خدمة الرب انهارت صحته بصورة سريعة وحادة، فنصحه الأطباء بأن يعتزل الخدمة. وفي أحد أيام الصيف كان حزينًا للغاية بسبب عدم قدرته على مواصلة خدمة الرب يسوع - الذي خدمنا بحياته وبموته ومازال يخدمنا إلي الآن وهو في السماء لأجلنا وحتى عندما نصل للسماء سيظل يخدمنا - وبينما هو في هذه الحالة سمع صوت قرار ترنيمة قديمة تقول:
يسوع مولانا الجليل


لا زال يُجري المستحيل
وو
أحيت هذه الترنيمة الرجاء في نفس د. "سمبسون" وملأته بالإيمان ليثبت عينيه على الرب الذي يستطيع أن يعمل أعمالا عظيمة حسب قدرته، فصلي للرب صلاة الإيمان كالمكتوب: {وَصَلاَةُ الإِيمَانِ تَشْفِي الْمَرِيضَ وَالرَّبُّ يُقِيمُهُ} (يعقوب15:5). ولم يمر وقت قصير حتى كان "سمبسون" قد شفي بطريقة معجزية.
وبعد شفائه كتب ترنيمة تدور حول قدرة الرب في إجراء المعجزات مهما كانت الحالة والظروف تدعو لليأس. تلك الترنيمة التي ما زالت سبب بركة وتشجيع للملايين من المؤمنين حتى يومنا. إذ تقول الترنيمة:
1-
في ظلام اليأس لوضلت خطاي
أوسحابة الدجى أخفت رجاي


أو هوت نفسي بأثقال خطاي
عيني ترنو إليك


فاهدني نحو الطريق يا حبيب

قرار
عيني ترنو للضياء
ها هنا نور السماء


نفسي تدنو للرجاء
ماحيـًا ليل الشقاء

2-
لو تراءت لي حياتي كالظلام
لو فني عظمي وهدتني السقام


أو جرعت المر من كأس الآلام
عيني ترنو إليك


فاشفني من كربتي رب الأنام
وهناك قصة عن الإيمان بالوعد، هي طريفة لكنها مفيدة، وهي عن أحد المبشرين الذي كان يبشر في خيمة كبيرة. جاء المبشر مبكرًا قبل بدء الاجتماع بوقت كبير، فوجد رجلاً زنجيًا يتمشى فوق المقاعد، فسأله الخادم:
«ماذا تفعل؟» فأجاب:
«إنني أطالب الرب بخلاص كل الناس الذين سيجلسون على هذه المقاعد الليلة».
«ولكن لماذا تتمشى فوق المقاعد؟» سأله الخادم. فأجابه الشاب المسيحي المؤمن:
«إنني أطالب الرب أن يتمم لنا حرفيا الوعد المكتوب القائل: كُلَّ مَوْضِعٍ تَدُوسُهُ بُطُونُ أَقْدَامِكُمْ لَكُمْ أَعْطَيْتُه» ُ(يشوع3:1). وبالفعل بارك الرب هذه الخدمات جدًا حسب الإيمان البسيط لهذا الشابّ.
عندما نثق في الله بهذا الإيمان الذي هومغامرة محسوبة، فالمجد سيعود لله، كما ذكر عن إبراهيم {الَّذِي آمَنَ بِهِ. الَّذِي يُحْيِي الْمَوْتَى وَيَدْعُوالأَشْيَاءَ غَيْرَ الْمَوْجُودَةِ كَأَنَّهَا مَوْجُودَةٌ. فَهُوعَلَى خِلاَفِ الرَّجَاءِ آمَنَ عَلَى الرَّجَاءِ لِكَيْ يَصِيرَ أَبًا لِأُمَمٍ كَثِيرَةٍ كَمَا قِيلَ: «هَكَذَا يَكُونُ نَسْلُكَ»وَإِذْ لَمْ يَكُنْ ضَعِيفًا فِي الإِيمَانِ لَمْ يَعْتَبِرْ جَسَدَهُ - وَهُوقَدْ صَارَ مُمَاتًا إِذْ كَانَ بْنَ نَحْومائة سَنَةٍ - وَلاَ مُمَاتِيَّةَ مُسْتَوْدَعِ سَارَةَ. وَلاَ بِعَدَمِ إِيمَانٍ ارْتَابَ فِي وَعْدِ للهِ بَلْ تَقَوَّى بِالإِيمَانِ مُعْطِيًا مَجْدًا لِلَّهِ} (رومية18:4-20).
وبالإيمان الحقيقي يمكنا أن نشكر قبل الاستجابة: لقد ذهبت "راعوث" تلك الفتاة الصغيرة المؤمنة مع أسرتها إلي الكنيسة حيث كان من المقرر عقد اجتماع صلاة ليرسل الرب المطر حتى لا يموت الزرع الذي كان مصدر القوت والرزق الوحيد في حياة سكان تلك القرية, ولما كانت راعوث قد أخذت الشمسية معها للكنيسة تعرضت لسخرية الأولاد والبنات في الكنيسة، فكيف تأتي بالشمسية في هذا اليوم الجافّ؟ بل إن المطر لم يعد يسقط منذ أيام كثيرة. فقالت لهم الفتاة:
إننا سنصلي ليرسل الله المطر، وإني أومن أن الله سيستجيب.
وفي طريق العودة كانت "راعوث" وأسرتها هي العائلة الوحيدة التي احتمت من الأمطار الغزيرة التي هطلت بشدة، كل ذلك لأنها آمنت باستجابة الصلاة قبل أن تصلي.
كان بعض المرسلين الذاهبين "لليابان" واثقين تمامًا من إرادة الرب في ذهابهم لليابان. ورغم أنهم كانوا يحتاجون إلي أكثر من ستة آلاف دولار لتغطية تكاليف السفر ولم يكونوا يمتلكوا منها شيئًا لكنهم استخرجوا جوازات السفر وحجزوا على الباخرة, وشكروا الرب على أنه دبَّر كل شيء، وحسب إيمانهم كان لهم, فقط قبل ميعاد الرحيل بأقل من 24 ساعة أرسل الرب لهم أكثر من المبلغ المطلوب لسداد كل احتياجاتهم. {فَيَمْلأُ إِلَهِي كُلَّ احْتِيَاجِكُمْ بِحَسَبِ غِنَاهُ فِي الْمَجْدِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ} (في19:4)
تعود خادم الرب "د. ل. مودي" أن يحكي قصة فتاة صغيرة جاءت يومًا إلي جدها قبل أن يغادر البيت في طريقه إلي عمله ،وبدون أن تنطق بكلمة واحدة أشارت إلي أرض الغرفة حيث كانت قد رتبت قطعًا صغيرة من الحلوى علي صورة عبارة تقول: «جدّي أريد علبة ألوان». وبعدما عاد الجد من عمله أخذته الطفلة بيده، دون انتظار لتعرف إن كان استجاب طلبها أم لا، إلي نفس الغرفة فوجد هذه الكلمات المكتوبة تقول: «جدّي، شكرا على علبة الألوان»! وكان الجد قد أحضر علبة الألوان فعلا.
عندما ذهب "هدسون تايلور" إلي الصين لأول مرة كان على ظهر مركب، وبينما كانت السفينة تعبر مضايق "مالاكا" جاء القبطان إلي "تايلور" إذ كان يعلم بما له من إيمان بالله وأنه كان يعرف كيف يصلي، وقال له:
«لا توجد ريح، وفوق هذا يوجد تيار مائي قوي يحمل القارب صوب جزيرة يسكنها آكلو لحوم البشر», وأضاف القبطان:
«أرجو أن تصلي لتهبّ الريح» . فأجاب تايلور:
«سأصلي لو رفعت القلوع للريح»! فضجر القبطان قائلا:
«لوفعلتُ ذلك قبل أن تأتي الرياح فسيسخر مني النوتية».
فأصر "تايلور" علي رفع القلوع قبل أن يصلي، وقد كان ذلك نوعًا من الإيمان الحي. ولما أذعن القبطان لرغبة "تايلور"، بدأ "هدسون تايلور" يصلي بإيمان. وبعد 45 دقيقة هبت ريح شديدة، ونجوا.
جاء الإيمان متهللاً إلى غرفتي، فإذ بكل الضيوف يختفون: الخوف والقلق والحزن والهم. كلهم ذهبوا في حلكة الظلام. فتعجبت كيف كان ذا السلام، فإذ بالإيمان يجيبني: «ألا ترى أنهم لا يطيقون الحياة معي؟».
قالت "فرانس ويلارد" عن أيام صباها: عندما كان أحدنا يخاف الظلام فيأتي إلي أمه سائلا:
«لماذا أخاف؟»، كانت تجيبه قائلة:
«لأنك لا تعرف الله ولا تضع ثقتك فيه كما ينبغي. يجب أن تضع قلبك وفي فكرك أن العالم بين يدي الله كطفل بين ذراعي أمه، فإذا علمت ذلك جيدًا فلن يبقى للخوف وجود».
قال "وليم مكدونلد": «الإيمان لا يتمم عمله في دائرة الممكن، فلا مجد لله في إتمام ما يمكن إتمامه بشريًا، إنما الإيمان يبدأ حيث تنتهي قوة الإنسان. الشك يرى الصعوبات، أما الإيمان فيرى الطريق. الشك يحدق إلي الليل، أما الإيمان فيرى النهار. الشك يخاف أن يخطو خطوة، أما الإيمان فيحلق في الأعالي. الشك يتساءل: «من يصدق هذا؟!» فيجيب الإيمان: «أنا»!
وقال "تشارلس ماكنتوش" عن الإيمان: «الإيمان يُنزل الله إلي دائرة العمل ولذلك لا يصعب عليه شيء، لا بل هو يهزأ بالمستحيلات. يرى الإيمان أن الله يحل كل مشكلة وكل صعوبة. إنه يضع كل أمر أمام الله. فلا يهم الإيمان في كثير أو قليل إن كان المطلوب ستمائة ألف جنيه أو ستمائة مليون. فإنه يعرف أن الله قادر علي كل شيء، وهو يسد كل أعوازنا، أما عدم الإيمان فيسأل: «كيف يمكن هذا؟ وكيف يمكن ذلك؟» فهو مملوء بالتساؤلات. أما الإيمان فله الجواب الأعظم الأوحد لألف كيف وكيف وذلك الجواب هو: «الله».
صديقي القارئ العزيز .. قارئتي الفاضلة، أيًا كانت حالتك تعال لله بالإيمان في المسيح. فإن كنت ما زلت تعيش في خطاياك فأنت لن تقوى على خلاص نفسك من الخطية والشيطان، ولكن آمن به فمكتوب: {اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِالاِبْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَلَّذِي لاَ يُؤْمِنُ بِالاِبْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةً بَلْ يَمْكُثُ عَلَيْهِ غَضَبُ الله} (يوحنا36:3). كما قال الرسول بولس لحافظ السجن: {آمِنْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ} (أعمال31:16)، لتبدأ أجمل مخاطرة محسوبة مع الرب.
وإن كانت لك سنوات في شركة مع الله بإيمان حقيقي في المسيح لكنك تخاف في السير معه بشجاعة المخاطرة المحسوبة، ألا تشاركني الصلاة بلسان الرسل للرب يسوع: {«زِدْ إِيمَانَنَا!» فَقَالَ الرَّبُّ:«لَوكَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهَذِهِ الْجُمَّيْزَةِ انْقَلِعِي وانْغَرِسِي فِي الْبَحْرِ فَتُطِيعُكُمْ} (لوقا5:17و6).
زكريا استاورو