مَنْ لَهُ الاِبْنُ

استمرت حرب "فيتنام" الشهيرة 8 أعوام. ففي عام 1965م وصلت أعداد كبيرة من القوات الأمريكية إلى هناك، وانتهت الحرب الرهيبة في 27 كانون الثاني يناير 1973م بمعاهدة سلام بين الولايات المتحدة والقوات الفيتنامية المحاربة. وفي 30 أبريل 1975م تم توحيد "فيتنام".
ويقول أغلب المؤرخين أن خسائر هذه الحرب الرهيبة من الفيتناميين خلال سنوات الحرب الثماني كانت مليونا قتيل وثلاثة ملايين جريح، وما يناهز الـ12 مليون لاجئ. أما الأمريكيون فقُدِّرَت خسائرهم بـ 58 ألف قتيل و 153.303 من الجرحى، 587 أسيرًا بين مدني وعسكري. وقد تم إطلاق سراحهم.
وممن قتلوا في حرب فيتنام كان شاب من أثرياء الولايات المتحدة وكان مع أبيه يمارسان هوايتهما المفضلة شراء اللوحات الفنية، وكان يدفع آلاف بل ملايين الدولارات في شراء اللوحات الفنية الأصلية النادرة الرائعة لأشهر الرسامين أمثال "بيكاسو" و"مايكل أنجلو" و"فان جوخ" و"رمبرانت" وغيرهم.
بعد مقتل الابن في المعركة بحوالي شهر، وفي ليلة الكريسماس، قرع شاب باب البيت الذي يقيم فيه الأب وعندما فتح الأب الباب قال له الشاب: «أنت لا تعرفني. أنا أحد الجنود الذين مات ابنك في محاولة انقاذهم وكنت أنا آخرهم حيث حملني ليضعنى في أحد الملاجيء، لكن شظية من إحدى القنابل اتجهت إلى قلبه فمات في الحال ونجوت أنا .. لقد رأيت المحبة المتجسدة في ابنك»
ثم أخرج الشاب لفافة وفردها أمام الأب وإذ هي صورة للأبن وقال الشاب: «أنا عرفت من ابنك الشهيد انكم تحتفظون بمجموعة عظيمة أصلية من أعظم أعمال أشهر الرسامين، لكني ومن حبي لابنك رسمت له هذه الصورة! أعلم أني لست رساما محترفا كالعظماء الذين تحتفظون بأعمالهم، لكني أحب ابنك محبة حقيقية، لهذا رسمت له هذه الصورة بكل جوارحي» ..
ولما رأى الأب صورة الابن، انهارت الدموع بغزارة من عينيه، وحاول جاهدا تقديم مقابل مادي للشاب مقابل الصورة، لكن الشاب رفض بإصرار وقال: «ابنك مات لأجلي مجانا، فكيف أبيع صورته لك؟»
وضع الأب صورة ابنه فوق المدفأة في مكان بارز يراه كل من يدخل البيت، وكان الأب لحبه لابنه يُري صورته لكل ضيف يدخل، قبل أن يُريه اللوحات الأصلية الثمينة التي يمتلكها.
بعد عدة أشهر مات الأب الثري حزينا على موت ابنه الشهيد، وعُقد مزاد علني على المجموعة الرائعة من اللوحات الأصلية النادرة، واجتمع الكثيرون يمنون انفسهم بشراء ولو لوحة فقط من هذه المجموعة الفريدة.
وضع الدلاَّل في بداية المزاد على المنصة صورة الابن ليبدأ بها المزاد، وقرع بمطرقته وقال: «من يشتري هذه الصورة؟» فغمر المكان صمت شديد.
فكرر الدلال كلامه .. فبدأ الحضور يهمهون قائلين له: «نريد الصور الثمينة المشهورة». لكنه استمر ينادي: «الابن .. الابن .. من يأخذ صورة الابن؟ .. من يدفع مائة من الدولارات؟» فلم يتقدم أحد للشراء ..
لكن صوت بستاني العائلة - الذي أمضي عمره مع سيده وابنه - ارتفع قائلاً: «انا اشتريها بعشرة دولارات، هذا كل ما أمتلك، وكل ما استطيع أن أدفعه!». فقال الدلال: «عشرة دولارات .. من يزيد؟ من يدفع عشرين؟»
هاج الجمهور وقالوا للدلال: «بِعْهُ الصورة بعشرة دولارات، حتى نتفرغ لشراء المهم». قرع الدلال بالمطرقه وقال: «لقد بيعت له بعشرة دولارات».
هتف الجموع: «لنبدأ في اللوحات الثمينة!» لكن الدلال وضع المطرقة على المنصة وقال: «انتهي المزاد .. عندي وصية من السيد أن من يأخذ صورة الابن يأخذ كل الميراث من أراض وبيوت ولوحات .. الكل يرثه من يأخذ صورة الابن .. والآن امتلَكَ البستانيّ الكلّ!!».
صديقي القاريء العزيز، صديقتي القارئة العزيزة: «الابن الابن .. من يأخذ الابن يأخذ كل شيء .. هكذا تقول قصتنا الحقيقية التي أرى فيها صورة لقصة حقيقية أعمق وأشمل؛ فالرب يسوع هو ابن الله الوحيد، فلقد ورد ذكره عنه أكثر من 50 مرة. فما معنى أن المسيح ابن الله؟؟ حاشا أن يكون المقصود أن الله - عز وجل - قد تزوج بالعذراء القديسة مريم فأنجب منها المسيح!! فالكتاب المقدس لا يشير إلى هذا الفكر الخاطئ الشرير، والمسيحية منزهة تماما عن أن يكون معنى بنوَّة المسيح هو التزاوج أو التناسل .. حاشا .. وكل من يدَّعي هذا المعنى أو يتهم المسيحيين بأنهم يقولون هذا فهو إما جاهل بالمسيحية والكتاب المقدس، أو مضلل يحاول تضليل المسيحيين عديمي الفهم بكلمة الله .. ويتهمهم زورا بأن معنى ابن الله هو التزاوج والتناسل، لسببين على الأقل:
1- الله روح: وهذا يزيل تماما الفكر الشرير الذي يتهمون به المسيحية. فالكتاب المقدس يذكر أن الله روح (يو4: 24)
2- المسيح ليس ولد الله: لم يُذكر أبداً أن المسيح "ولد الله" بل "ابن الله". فالتوالد حالة جسدية أما الأبوة فحالة روحية، فمثلا - وإن كان الله أعظم من التشبيه - يقال عن أي مصري أنه "ابن النيل" أو "ابن الأهرامات" أو "ابن مصر". ولما يقال: "مصر هي أمي"، فهذا بالطبع ليس المقصود منه أن تزاوجاً أو تناسلا قد حدث. ويُذكر مجازا أن الله أب للفقير، وبالطبع ليس المقصود تزاوج أو تناسل. فما معنى أن المسيح ابن الله؟
أولا: المشابهة الكاملة: [اللهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلاِبْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّر] (يوحنا 1 : 18) كما قال الرب لفيلبس [اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ أَلَسْتَ تُؤْمِنُ أَنِّي أَنَا فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ؟] (يوحنا14: 9) [ابْنِ مَحَبَّتِهِ .. اَلَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ غَيْرِ الْمَنْظُور] (كو 1 :14-15) كلمة الله (رؤ13:19)
ثانيا: المعادلة الكاملة: البشر أبناء الله بالخليقة (لوقا 3: 38) والملائكة أبناء الله بالخليقة أيضاً (أي7:38) ولكن المسيح ابن الله بمعنى أنه المعادل لله .. فهو [ابْن الله الْوَحِيدِ] (يوحنا18:3) هذا ما فهمه اليهود: [فَمِنْ أَجْلِ هَذَا كَانَ الْيَهُودُ يَطْلُبُونَ أَكْثَرَ أَنْ يَقْتُلُوهُ لأَنَّهُ لَمْ يَنْقُضِ السَّبْتَ فَقَطْ بَلْ قَالَ أَيْضاً إِنَّ الله أَبُوهُ مُعَادِلاً نَفْسَهُ بِاللَّهِ] (يوحنا18:5) [أَجَابَهُ الْيَهُودُ: «لَنَا نَامُوسٌ وَحَسَبَ نَامُوسِنَا يَجِبُ أَنْ يَمُوتَ لأَنَّهُ جَعَلَ نَفْسَهُ ابْنَ اللهِ»] (يوحنا7:19) [لَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً لِلَّهِ. لَكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِراً فِي شِبْهِ النَّاسِ] (فيلبي5:2) كما قال المسيح: [أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ] (يوحنا30:10)
ثالثا: المحبة الكاملة: أسمى أنواع المحبة محبة الآب لابنه، فمعنى أن المسيح ابن الله أي المحبوب، [نِعْمَتِهِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْنَا فِي الْمَحْبُوبِ] (أفسس6:1) كما هو مكتوب: [اَلآبُ يُحِبُّ الاِبْنَ] (يوحنا35:3) وهذه المحبة أزلية كقول المسيح للآب: [«لأَنَّكَ أَحْبَبْتَنِي قَبْلَ إِنْشَاءِ الْعَالَمِ»] (يوحنا17: 24) فهو [ابن محبته] (كولوسي13:1)
رابعا: التمثيل الكامل: مثل الكرامين الذي ذكره المسيح في إنجيل مرقس قال أن صاحب الكرم (الله) بعد أن أرسل إلى الكرامين عبيداً في أوقات متتالية دون الحصول على ثمر من الكرم، [فَإِذْ كَانَ لَهُ أَيْضاً ابْنٌ وَاحِدٌ حَبِيبٌ إِلَيْهِ أَرْسَلَهُ أَيْضاً إِلَيْهِمْ أَخِيراً قَائِلاً: إِنَّهُمْ يَهَابُونَ ابْنِي وَلَكِنَّ أُولَئِكَ الْكَرَّامِينَ قَالُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ: هَذَا هُوَ الْوَارِثُ! هَلُمُّوا نَقْتُلْهُ فَيَكُونَ لَنَا الْمِيرَاثُ!] (مرقس6:12)
صديقي القاريء العزيز، صديقتي القارئة العزيزة، مكتوب: [وَهَذِهِ هِيَ الشَّهَادَةُ: أَنَّ اللهَ أَعْطَانَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَهَذِهِ الْحَيَاةُ هِيَ فِي ابْنِهِ. مَنْ لَهُ الاِبْنُ فَلَهُ الْحَيَاةُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ ابْنُ اللهِ فَلَيْسَتْ لَهُ الْحَيَاةُ] (1يو5: 11و12)
فهل لك الابن؟ إن آمنت إيمانا قلبيا بالرب يسوع وسلمتَه قلبك، فسترث - لا اللوحات الفنية التي في بيت الأب الذي في قصتنا بل - السماء عينها لأن الابن الوحيد مات فعلا وقام [وَلأَجْلِ هَذَا هُوَ وَسِيطُ عَهْدٍ جَدِيدٍ، لِكَيْ يَكُونَ الْمَدْعُّوُونَ - إِذْ صَارَ مَوْتٌ لِفِدَاءِ التَّعَدِّيَاتِ الَّتِي فِي الْعَهْدِ الأَوَّلِ - يَنَالُونَ وَعْدَ الْمِيرَاثِ الأَبَدِيِّ لأَنَّهُ حَيْثُ تُوجَدُ وَصِيَّةٌ يَلْزَمُ بَيَانُ مَوْتِ الْمُوصِي. لأَنَّ الْوَصِيَّةَ ثَابِتَةٌ عَلَى الْمَوْتَى، إِذْ لاَ قُوَّةَ لَهَا الْبَتَّةَ مَا دَامَ الْمُوصِي حَيّاً] (عبرانين9: 15-18) [مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي حَسَبَ رَحْمَتِهِ الْكَثِيرَةِ وَلَدَنَا ثَانِيَةً لِرَجَاءٍ حَيٍّ، بِقِيَامَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مِنَ الأَمْوَاتِ، لِمِيرَاثٍ لاَ يَفْنَى وَلاَ يَتَدَنَّسُ وَلاَ يَضْمَحِلُّ، مَحْفُوظٌ فِي السَّمَاوَاتِ لأَجْلِكُمْ] (1بطرس1: 3و4) فَإِنْ كُنَّا أَوْلاَداً فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضاً، وَرَثَةُ اللهِ وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ] (رومية8: 17) [مَنْ يَغْلِبْ يَرِثْ كُلَّ شَيْءٍ] (رؤيا21: 7)
صلِّ معي:
صلاة:
يا من مت لأجلي لتعطيني الميراث
وقمت من الأَمْوَاتِ وصرت أنت الأساس
توبني وارحمني واعطني الخلاص
لأشهد عنك وابشر بك جميع الناس
آمين


زكريا استاورو