كما انا

ولدت شارلوت إليوت في عائلة مسيحية في كلافام بالمملكة المتحدة في يوم 18 مارس عام 1789م. وعاشت طفولتها فيها. ثم انتقلت إلى "برايتون" ببريطانيا العظمى، وقد عرفها الجميع "بشارلوت البشوشة" التي لا تحمل أي هموم، فكانت فنانة موهوبة تخصصت وأبدعت في رسم وجوه الأشخاص، كما كانت كاتبة بارعة للمجلات والقصص والمقالات الفكاهية. وعندما كانت "شارلوت" في الثانية والثلاثين من عمرها أصيبت بشلل أعاق حركتها تماما, فظلت لا تستطيع الحركة بعدما كانت مثالاً للحيوية والنشاط. فقاست الوحدة والحزن والألم والحرمان.
في يوم التاسع من شهر مايو عام 1822م تقابل المبشر السويسري دكتور سيزار مالان مع شارلوت إليوت" بينما كانت في الجانب الغربي من مدينة لندن في زيارة لبعض أصحابها حيث كانوا يحملونها لأنها لم تكن تستطيع أن تمشي. وعلى مائدة الغداء سألها الدكتور "مالان":
«هل أنتِ مسيحية حقيقية؟».
فاعتبرت "شارلوت" هذا تدخلاً سافرًا منه في حريتها الشخصية، وجرحًا لكرامتها، رغم أن الدكتور "سيزار مالان" كان صديقًا لوالدها, فاجابته على الفور:
«إني أرفض أن أناقش هذا السؤال معك، فهذه حريتي الشخصية. فقال لها:
«آسف إن كنت قد جرحت مشاعرك! ولكني لم أقصد هذا أبدًا، بل كنت أقصد أن أشهد لك عن حب المسيح يسوع مخلصي الذي مات على الصليب وسفك دمه لأجلي. وكم أتمنى أن تكوني خادمة له».
ثلاثة أسابيع مرت على هذا اللقاء، حتى تقابل دكتور "سيزار مالان" مع "شارلوت إليوت" مرة أخرى في بيت أحد الأصدقاء. فبادرته هي هذه المرة قائلة:
«لقد فكرت طويلاً في سؤالك، ومن يومها وأنا أبحث عن يسوع المخلص. ولكن كيف أجده؟ كيف أتى إليه؟». فقال لها:
«تعالَي كما أنت للمسيح حمل الله الذي يرفع خطية العالم!»
وفي الحال وضعت "شارلوت" كل ثقتها في ذبيحة المسيح الكفارية الكافية وعاشت بسلام وفرح عميق طوال حياتها. ورغم أنها رقدت في يوم 22 سبتمبر سنة 1871م عن عمر يناهز الـ82 أي إنها عاشت مع المسيح 50 عامًا مشلولة الجسد، لكنها كانت دائما نشيطة ومرحة النفس وحارة في الروح حيث كانت أفراح الروح القدس تغمرها باستمرار.
كتبت "شارلوت إليوت" 150 ترنيمة لكن أهمهم وأشهرهم على وجه الأطلاق الترنيمة الشهيرة التي بعنوان "كما أنا!" وهذه قصتها:
في ليلة من ليالي عام 1835م - أي بعد قبولها المسيح بحوالي 12 سنة - كانت "شارلوت" في الخامسة والأربعين من عمرها، وكانت وقتها تعيش في ويستفيلد لودج ببرايتون، 
وكان أخوها القس. هـ. ف. إليوت يستعد لعمل سوق خيري في صباح الغد بقاعة القديسة ماري، ليساعد من خلال السوق الخيري في تسديد نفقات تعليم بنات الخدام الذين يخدمون في كرم الرب بكلية خاصة تتبع القاعة كان قد أنشأها, وكانت "ويستفيلد" في حركة دائبة تلك الأيام استعدادًا للحدث الكبير لإنجاح السوق الخيري, الكل كان يشارك إلا "شارلوت إليوت" التي كانت عاجزة عن عمل أي شيء لإنجاح ذلك الحدث الكبير بسبب الشلل الذي كانت تعاني منه، وعندها تذكرت كيف أن المسيح قبلها كما هي رغم عجزها وشللها. وتذكرت كلمات الدكتور "سيزار مالان". وأرادت أن تعبر عن شكرها للرب وعما يدور بداخل ملايين من الذين يشعرون بأي نوع من أنواع العجز الروحي أو النفسي أو الجسدي. فكتبت تلك الترنيمة الخالدة التي بعنوان: كما أنا-

كما أنا وليس لي عذر لديك
وأمرُك القائلُ أن آتي إليك


إلا الدم المسفوك عني من يديك
آتي أنا يا حمل الله الوديع

2-
كما أنا ولست أسعى كي أزيل
إليك يا من دمُه يشفي العليل


عيبًا من العيوبِ والحملُ ثقيل
آتي أنا يا حمل الله الوديع

3-
كما أنا وإن أكن ملقىً على
من كل صوبٍ خارجًا وداخلا


جمرِ همومٍ وشكوكٍ وبَلا
آتي أنا يا حمل الله الوديع

4-
كما أنا أعمى شقيٌّ وفقير
نعم وكلُّ حاجتي أيا قدير


فيك الشفاءُ النورُ والغنى الكثير
آتي أنا يا حمل الله الوديع

5-
كما أنا تقبلني في صفحك
لأن قلبي واثق ٌ بوعدك


مرحِّبًا مطهرًا ببرِّك
آتي أنا يا حمل الله الوديع

6-
كما أنا وقد نقضتُ عهدَكَ
الآن كي لك أكون وحدك


جهلاً بحبك أهنتُ مجدَك
آتي أنا يا حمل الله الوديع

قال "مودي - رجل الله الشهير الذي ربح الملايين للمسيح وكان يحب هذه الترنيمة - أن هذه الترنيمة تركت أثرًا في عدد كبير من الناس أكثر من أية ترنيمة أخرى!
القس "هـ. ف. اليوت  شقيق "شارلوت" والذي استخدمه الله لإنشاء الكلية لتعليم بنات الخدام وأيضا قاعة القديسة ماري الشهيرة وأيضا حرر كتاب نظم المزامير في عام 1835م قال:
«أرجو أن يكون الله قد باركني في خدمتي، وأرجو أنها كانت مثمرة، ولكن تأثير هذه الترنيمة فاق كل ثمار خدمتي طوال حياتي».
وكانت هذه الترنيمة تُرَنَّم دائما بعد العظات الكرازية "لبلي جراهام" في النهضات، وقيل أنها لم ترنم مرة إلا وكانت سبب خلاص للكثيرين.
ومن القصص الطريفة عن هذه الترنيمة أن طبيب "شارلوت" حاول تشجيعها فأحضر لها هذه الترنيمة وقال لها:
«هذه الترنيمة مشجعة جدًا. حاولي أن تتعلميها وترنميها وستكون بركة لك»! ولم يكن يعلم أنها هي التي كتبتها.
إن الأموال التي جاءت لمشروع قاعة القديسة ماري وكلية الفتيات من خلال طباعة هذه الترنيمة وتوزيعها، يفوق عشرات المرات ما تم جمعه في السوق الخيري الذي كان في غد الليلة التي كتبت فيها "شارلوت إليوت" الترنيمة.
صديقي القاريء العزيز .. صديقتي القارئة العزيزة، فقط تعال كما أنت للمسيح, {لاَ تَقُلْ فِي قَلْبِكَ: «مَنْ يَصْعَدُ إِلَى السَّمَاءِ؟» (أَيْ لِيُحْدِرَ الْمَسِيحَ) أَوْ «مَنْ يَهْبِطُ إِلَى الْهَاوِيَةِ؟» (أَيْ لِيُصْعِدَ الْمَسِيحَ مِنَ الأَمْوَاتِ) لَكِنْ مَاذَا يَقُولُ؟ «اَلْكَلِمَةُ قَرِيبَةٌ مِنْكَ فِي فَمِكَ وَفِي قَلْبِكَ» (أَيْ كَلِمَةُ الإِيمَانِ الَّتِي نَكْرِزُ بِهَا) لأَنَّكَ إِنِ اعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِالرَّبِّ يَسُوعَ وَآمَنْتَ بِقَلْبِكَ أَنَّ اللهَ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ خَلَصْتَ} (رومية10: 9).
وإن كنت قد قبلت المسيح من قبل ويحاربك الشيطان بالعجز وصغر النفس، تذكر كيف استخدم الله هذه الترنيمة. فقط ضع كل آمالك وإمكانياتك بين يديه كما قال يوناثان: {لأَنَّهُ لَيْسَ لِلرَّبِّ مَانِعٌ عَنْ أَنْ يُخَلِّصَ بِالْكَثِيرِ أَوْ بِالْقَلِيلِ} (1صموئيل14: 6)
هل تصلي معي؟
صلاة :
ربي يسوع .. إلهي الوديع ..
أشعر أني صغير ولا أستطيع ..
فاقبلني كما أنا بحبك البديع
واستخدمني في كرمك الوسيع
حتى أشهد لك وإنجيلك أذيع
آمين
زكريا استاورو