من القصص الواقعية الرائعة التي ذكرها الكاتب الأمريكي الشهير "د. أيرنسيد"، أقص لك تلك القصة التي يدور جزء من أحداثها بين غابات الأيرزونا..
كان الطبيب المسيحي، الذي وهب حياته للخدمة كمُرسل وسط الهنود الحُمر في منطقة "نيفاهو إنديانز" Nevaho Indians، يسير بسيارته في صحراء "الأريزونا" بأمريكا، حيث استوقفه عويل وصراخ في الغابة المجاورة. ظنّ أنه صراخ حيوان بريّ ضخم وقع في أحد فخاخ الغابة. أوقف الطبيب سيارته، ونزل وهو يحمل بندقيته للدفاع عن نفسه من الوحوش، وسار بحذر تجاه الصوت. ولشدة دهشته وجد أنها امرأة تصرخ، وقد غطاها التراب تمامًا، وبخبرته الطبية أدرك أنها مُصابة بالشلل. انحنى سريعًا وأزال الأتربة من على جسدها، وأجرى عليها فحصًا طبيًا سريعًا، شخّص أن حالتها ميئوس منها، "فالغنغرينا" قد أصابت أطرافها.
قاوم الطبيب المرسل فكرة أن يتركها تواجه الموت المحتوم في هذا المكان، وتحنن عليها. عاد سريعًا إلى السيارة، وأحضر قطعة قماش كبيرة غطى بها جسد المرأة، وحملها على كتفه حتى السيارة. وقاد السيارة بأقصى سرعة، حتى وصل بها إلى مستشفى الإرسالية، بعد أن كان قد أعطاها حقنة مسكنة للآلام الرهيبة التي كانت تعاني منها.
اجتمع الأطباء المرسلون، والممرضات المسيحيات، في محاولة لإنقاذ هذه المرأة المسكينة. وبعد عناية طبية مكثفة تمكن الأطباء من إنقاذها، ولا سيما من نوبات الحمى التي كانت تنتابها. وبعد عشرة أيام من العلاج عادت المسكينة إلى وعيها، وبدأت تتكلم. وبمساعدة الممرضات المسيحيات من الهنود الحمر، اللواتي ترجمن ما قالته، بدأ الأطباء يفهمون قصة هذه المرأة المسكينة. فلقد مرضت، فأحضرها زوجها إلى طبيب القبيلة الوثني، الذي ظل يضربها بشدة ليعالجها من النوبات التي ادّعى أنها بسبب الأرواح الشريرة. ولما لم يتمكن من علاجها، صرّح لزوجها بأنه لا أمل في علاجها. فأخذها زوجها وأقاربها إلى أعماق الغابة، وألقوها هناك، وتركوها مع الأرواح الشريرة - حسب اعتقاداتهم - لتلاقي الموت هناك.
ظلت أيامًا في الغابة دون أكل أو شرب، تتعرض لحرارة الشمس القاسية في الظهيرة، وللبرودة الشديدة في المساء (حيث أن الغابة ترتفع 180 مترًا عن سطح البحر). حتى وجدها الطبيب.
بعد أن عادت إلى وعيها، ألحت المرأة المسكينة على الممرضة أن تحكي لها كيف أنقذوها، ومن الذي أتي بها إلى هذه المستشفى. روت الممرضة للمرأة القصة بتفاصيلها وكيف أن الطبيب المسيحي المرسل حملها على كتفه من الغابة، وأتى بها بعربته إلى المستشفى، وكيف تم إنقاذها.
لم تستوعب المرأة ما فعله الطبيب وسألته بدهشة:
- «لماذا؟ لماذا يُقدم لي كل هذا الإحسان وأنا امرأة مسكينة من الهنود الحمر وهو رجل طبيب أبيض، وأنا قد تركني أهلي وزوجي وقبيلتي بناء على توصية طبيب القبيلة الوثني؟ أجابت الممرضة:
- «إن محبة الرب يسوع المسيح في قلب هذا الطبيب جعلته يفعل هذا». قالت المرأة الوثنية المسكينة:
- «الرب يسوع المسيح! أنا لا أعرفه ولم أسمع من قبل عنه!».
ظل المرسلون يصلون لأجلها، ويقرأون الإنجيل لها أيامًا كثيرة، ويحكون لها عن الرب يسوع وما فعله من معجزات عظيمة، وعن صليبه وقيامته. لكن ظلام الوثنية الذي غطى روح هذه المرأة لسنوات طويلة، ظل حاجزًا دون وصول نور الإنجيل إلى قلبها.
وفي يوم من الأيام أراد أحد الخدام أن يقدم الدعوة لهذه الوثنية أن تقبل الرب يسوع مخلصًا شخصيًا لها، لكنها وبإخلاص قالت له:
- «أنا لا أفهم ما تقصد، وحتى الآن لا أستطيع أن أدرك لماذا مات المسيح».
وفي تلك اللحظة دخل الحجرة الطبيب الذي أنقذها ليقدم لها بعض النصائح الطبية، فلمع وجهها وكأن نورًا قويًا سطع في داخلها، وسألت الخادم:
- «هل تقصد أن يسوع المسيح مثل هذا الطبيب في محبته وحنانه وإنقاذه لي؟» أجاب الخادم:
- «بل إن محبة يسوع المسيح هي التي دفعت هذا الطبيب لأن ينقذك».
لمع وجه المرأة أكثر، وسالت الدموع بغزارة من عينيها، وفهمت المعنى، وقالت:
- «آه! ما أحلى الرب يسوع! الآن فهمت! إن كان ما في قلب هذا الطبيب هو جزء من حنان يسوع المسيح، فكم يكون حُبُّ الرب يسوع لي؟! نعم، أومن، نعم أقبله وأقّدر صليبه بدلاً عني»
واعتمدت وصارت مُخلّصة بدم المسيح، شاهدة للجميع ولا سيما لأفراد قبيلتها من الوثنيين.
صديقي .. صديقتي، هل قبلت المسيح؟ لقد قصّ هو بنفسه في مثل السامري الصالح ما عمله مع ذلك الجريح الذي لما رآه تحنن فتقدم وضمد جراحه (لوقا 33:10،34). وكان المسيح هو ذلك السامري.
هل تأتي للرب يسوع ليضمد جراح خطاياك ويخلصك؟ بل لتصبح نظير هذا الطبيب المرسل، سبب بركة للكثيرين، متشبهًا بالرب يسوع المسيح كما يريدنا الله أن نكون مشابهين صورة ابنه (رومية 29:8)؟
صلّ معي الآن، واطلب من الرب يسوع أن يشفيك من مرض الخطية، وكل الجروح التي أصبت نفسك بها. وثق أن في قلبه الحنان وسيقابلك بالإحسان ويغيِّر الحال معك فتخدمه.
زكريا استاورو |