ولاية "تكساس" Texas الأمريكية هي أكبر ولاية أمريكية من حيث الحجم، وتسمى "ولاية النجمة الوحيدة" Lone Star State حيث أن كل من علم الولاية وختمها يحتويان على نجمة واحدة. وتأتي هذه التسمية منذ عام 1821م، حيث لاحظ الحاكم المكسيكي للولاية يومها "هنري سميث" Henry Smith أن شكل الولاية يبدو وكأنها نجمة خماسية الأضلاع. وتعتبر مدينة هيوستن أكبر مدينة في الولاية.
منذ عدة سنوات جاء خادم إنجيل من خارج ولاية "تكساس" ليخدم الرب في "هيوستن"، وكان سَيُقيم فيها لفترة من الزمان. وبعد عدة أسابيع من وصوله وخدمته في الكنيسة "بهيوستن"، استقلَّ الأتوبيس من منزله إلى وسط المدينة في جولة لمعرفة معالمها. وبعد أن أخذ الخادم التذكرة من سائق الأتوبيس وجلس في المقعد في الخلف، لاحظ الخادم أن السائق أعطاه عملة معدنية بربع دولار زيادة عما يستحق. فكر الخادم ربما يكون السائق قد أخطأ في حساب ثمن التذكرة! تردد الخادم ماذا يفعل بالربع دولار؟ هل هو هدية السماء له ليأكل آيس كريم في جو "هيوستن" شديد الحرارة مرتفع الرطوبة؟ أم يجب أن يخبر السائق، ويرد له الربع دولار؟ أم أن ما يجول بخاطره أساسا هو مجرد أفكار ساذجة؛ فالأتوبيس يكسب كثيرا ولا يفرق عندهم ربع دولار! فربع دولار لا يستحق أي أهتمام أو تفكير!! وعندها استغرق الخادم في متابعة معالم المدينة وتناسى تماما موضوع الربع دولار الذي كاد أن يزعجه.
جاءت المحطة التي كان يجب أن ينزل فيها الخادم، وتوقف الأتوبيس، وقبل أن ينزل، شعر الخادم بصوت داخلي عميق ومُلحّ يُذَكِّره بالربع دولار. وعندها اتخذ قراره وقال للسائق وهو يقدم له الربع دولار: «سيدي، لقد أخطأتَ في الحساب وأنت تعطي لي التذكرة، وأعطيتني ربع الدولار هذا زيادة، فهذا حقك». وبينما السائق يأخذ الربع دولار كان يبتسم وهو يقول للخادم:
- «رائع! أنت خادم الكنيسة الجديد أليس كذلك؟» أجاب الخادم بالإيجاب. فقال له السائق: «شعرت بعطش شديد لله ولسماع الإنجيل في الأشهر الماضية، وفكرت في الرجوع للمسيح والذهاب للكنيسة بانتظام، ولما رأيتك تدخل الأتوبيس عرفتك، لأني كنت قد رأيتك من قبل في مناسبة اجتماعية في الكنيسة، فخطرت لي سريعا فكرة على ذهني، وقررت أن أقدم لك ربع دولار زيادة حتى أرى: هل تعيش الوعظ الذي تعظ به؟ وهل من المفيد أن أسمع منك كلمات الإنجيل؟ فشكرا لله وشكرا لك لأنك رددت لي الربع دولار وتأكدت لي أمانتك في القليل وبالتالي سأثق في أمانتك في الكثير الذي تقدمه لي وللناس في الكنيسة؛ أقصد كلمة الله. وبالمناسبة ما هي مواعيد الاجتماعات؟ سأواظب عليها من يوم الأحد القادم».
وبعد أن قال الخادم للسائق ميعاد الاجتماع وبينما هو ينزل من الأتوبيس صلى بداخله قائلا:
- «أيها الآب، شكرا لك لأنك أنقذتني من أن أبيع الشهادة عن ابنك الرب يسوع المسيح بربع دولار».
القاريء العزيز، القارئة العزيزة، أعلم أنه لم يعجبك ما عمله السائق من اختبار بربع دولار. ولكن دعني أقول لك أن العالم ينظر إلينا بميكروسكوبه ونحن نشهد للمسيح، كما قال الرب: [وَتَكُونُونَ لِي شُهُوداً فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ والسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ] (أعمال 1 :8) ولقد قال الرسول بولس: [لأَنَّنَا صِرْنَا مَنْظَراً لِلْعَالَمِ لِلْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ] (1كورنثوس4: 9) ولاحظ أنه رغم صِغر الربع دولار فقد كان كفيلا بأن يطفيء شهادة الخادم بالنسبة للسائق إلى الأبد.
وليس الصغير الذي يجب أن نتحذر منه هو فقط أعمال نقوم بها، لكن يمكن أن تكون كلمات أوأفكار أو عادات .. فأفكارنا تصير كلمات، وكلماتنا تصبح أفعال، وأفعالنا تصير عادات، وعاداتنا تؤثر علينا وعلى الآخرين في الحاضر والمستقبل.
وهذه بعض أشياء صغيرة - كالربع دولار - لكن يمكنها أن تكون مدمرة للشهادة والخدمة .. ويمكن أن تكون معطلة لقبولك للمسيح أيها القاري وأيتها القارئة:
1- خميرة صغيرة: الخميرة ترمز للشر في السلوك أو التعليم في انتشارها وجعل الأشياء تنتفخ [أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ خَمِيرَةً صَغِيرَةً تُخَمِّرُ الْعَجِينَ كُلَّهُ؟ إِذاً نَقُّوا مِنْكُمُ الْخَمِيرَةَ الْعَتِيقَةَ لِكَيْ تَكُونُوا عَجِيناً جَدِيداً كَمَا أَنْتُمْ فَطِيرٌ] (1كورنثوس5: 6-7)
2- ثعالب صغيرة: الثعالب صورة لكل ما يمنع الثمر في حياة المسيحي [خُذُوا لَنَا الثَّعَالِبَ، الثَّعَالِبَ الصِّغَارَ الْمُفْسِدَةَ الْكُرُومِ، لأَنَّ كُرُومَنَا قَدْ أَقْعَلَتْ] (نشيد2: 16)
3- جهالة صغيرة: اَلذُّبَابُ الْمَيِّتُ صورة لكل نجاسة ولو تبدو أنها صغيرة، فهي جهالة أثقل من الحكمة. [اَلذُّبَابُ الْمَيِّتُ يُنَتِّنُ وَيُخَمِّرُ طِيبَ الْعَطَّارِ. جَهَالَةٌ قَلِيلَةٌ أَثْقَلُ مِنَ الْحِكْمَةِ وَمِنَ الْكَرَامَةِ] (جامعة 10: 1)
4- نفس صغيرة: النفس الصغيرة التي تكبر من حجم المشاكل والعدو والنفس، دون تقدير صحيح لقدرة الله [وَأُدْخِلُكُمْ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي رَفَعْتُ يَدِي أَنْ أُعْطِيَهَا لإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ. وَأُعْطِيَكُمْ إِيَّاهَا مِيرَاثاً. أَنَا الرَّبُّ. فَكَلَّمَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ هَكَذَا وَلَكِنْ لَمْ يَسْمَعُوا لِمُوسَى مِنْ صِغَرِ النَّفْسِ وَمِنَ الْعُبُودِيَّةِ الْقَاسِيَةِ] (خر6: 8-9) شَجِّعُوا صِغَارَ النُّفُوسِ (1تسالونيكي5: 14)
5- نقض وصية صغيرة: [فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هَذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هَكَذَا، يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ فَهَذَا يُدْعَى عَظِيماً فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ] (متى5: 19)
6- عضو صغير(اللسان): [هَكَذَا اللِّسَانُ أَيْضاً، هُوَ عُضْوٌ صَغِيرٌ وَيَفْتَخِرُ مُتَعَظِّماً.هُوَذَا نَارٌ قَلِيلَةٌ،أَيَّ وُقُودٍ تُحْرِقُ؟ فَاللِّسَانُ نَارٌ! عَالَمُ الإِثْمِ. هَكَذَا جُعِلَ فِي أَعْضَائِنَا اللِّسَانُ، الَّذِي يُدَنِّسُ الْجِسْمَ كُلَّهُ، وَيُضْرِمُ دَائِرَةَ الْكَوْنِ، وَيُضْرَمُ مِنْ جَهَنَّمَ] (يعقوب3: 4-6)
7- كسل ونوم قليل: [نَوْمٌ قَلِيلٌ بَعْدُ نُعَاسٌ قَلِيلٌ وَطَيُّ الْيَدَيْنِ قَلِيلاً لِلرُّقُودِ فَيَأْتِي فَقْرُكَ كَعَدَّاءٍ وَعَوَزُكَ كَغَازٍ!] (أمثال25: 33)
صديقي القاريء، صديقتي القارئة، لا يوجد صغائر وكبائر في الحياة المسيحية. هل تتحذر من الربع دولار؟ والصغائر كما الكبائر؟ وتصلي معي من القلب؟
صلاة: اخْتَبِرْنِي يَا اللهُ وَاعْرِفْ قَلْبِي. امْتَحِنِّي واعْرِفْ أَفْكَارِي. وَانْظُرْ إِنْ كَانَ فِيَّ طَرِيقٌ بَاطِلٌ وَاهْدِنِي طَرِيقاً أَبَدِيّاً ... اَلسَّهَوَاتُ مَنْ يَشْعُرُ بِهَا! مِنَ الْخَطَايَا الْمُسْتَتِرَةِ أَبْرِئْنِي. أَيْضاً مِنَ الْمُتَكَبِّرِينَ احْفَظْ عَبْدَكَ فَلاَ يَتَسَلَّطُوا عَلَيَّ. حِينَئِذٍ أَكُونُ كَامِلاً وَأَتَبَرَّأُ مِنْ ذَنْبٍ عَظِيمٍ. لِتَكُنْ أَقْوَالُ مِي وَفِكْرُ قَلْبِي مَرْضِيَّةً أَمَامَكَ يَا رَبُّ صَخْرَتِي وَوَلِيِّي. آمين
زكريا استاورو |