"منير" و"محسن" أخوان، لكن ما أبعد الفارق بينهما، ليس فقط في الصفات الشخصية، لكن أيضا في الإيمان والعلاقة مع الله ..
فبينما كان "منير"، الأخ الأكبر، مسيحيًا حقيقيًا متعبدًا لله، يخدم الرب بكل أمانة باستمرار في الكنيسة، كان محسن، أخاه الأصغر، على النقيض من ذلك؛ فهو لا يحب المسيح ولا الكنيسة ولا الكتاب المقدس.
فشل "محسن" في دارسته، وفشل في عمله، وأدمن المخدرات والقمار والنجاسة والأفلام الإباحية. وكان بحق مستهتر، وتراكمت الديون عليه. ولما لم يجد ما يحتاجه من المال، بدأ يسير في طريق النصب والسرقة واللصوصية، ليحصل على المال اللازم للمكيفات والنجاسات والمغامرات والمخدرات والمقامرات.
كثيرا ما كان "منير" يصلي لأجل أخيه "محسن", وكثيرا ما نصحه بالتوبة والرجوع لله. وكان "محسن" مرات كثيرة يسمع صوت "منير" وهو يصلي لأجله. لكن في كل مرة كان يدوس على ضميره ويستهزئ متهكمًا على منير. بل كان يتكلم كلمات صعبه على الله ذاته.
استمر الحال هكذا .. وفي إحدى الليالي، وبينما "منير" مستغرق في النوم، إذ "بمحسن" يوقظة والدم يلطخ يديه وكل ثيابه!!
ولما تنبه "منير" لما يراه، وكأنه يحلم بكابوس مرعب، إذ بمحسن يروي له الرواية على عجل قائلا:
- «نعم! قتلته! لقد استيقظ وأنا اسرق المنزل، ولما أراد أن يمكسني ليسلمني للبوليس قتلته. لكن البوليس يطاردني .. ساعدني يا "منير" أنا مرتعب!»
كان جسم "محسن" يرتعش بشدة، بينما الدماء تلطخ كل ملابسه. وفي الحال قال "منير" "لمحسن":
- «محسن، اخلع ثيابك بسرعة والبس ملابسي واختبيء في غرفتي»
وبسرعة خرج منير من الغرفة وهو يحمل ملابس "محسن" أخيه الملطخة بالدماء، ولما أغلق عليه الحجرة، كان البوليس في هذه اللحظة يقرع الباب بشدة، وينادي بصوت مرتفع.
لبس "منير" ملابس أخيه الملطخة بالدم، وفتح الباب للبوليس، الذي اقتاده إلى السجن.
لم تكن القضية تحتاج إلى أدلة؛ فثياب "محسن" الملطخة بالدم التي ارتداها "منير" قبل أن يقبض البوليس عليه مباشرة، كانت أقوى دليل! حيث اثبت تحليل عينة الدم، أنه دم القتيل المجني عليه
وفي محاكمة سريعة، لما سئل "منير"، قال:
- «يجب أن أدفع ثمن الجريمة»
وحُكم بالإعدام شنقًا على "منير" الذي كان بريئًا، لم يفعل شيئًا يستحق الإعدام عليه.
قبل الإعدام مباشرة - وفي السؤال التقليدي الذي يوجه للمتهم قبل الإعدام - سُئل منير:
- «ماذا تريد أن يُفعل لك؟»
أجاب:
- «أريد إرسال خطاب لأخي»!
فاحضروا إليه ورقة وقلم والمظروف وطابع البريد، فكتب "منير" رسالة سريعة إلي أخيه مضمونها:
«أخي الحبيب محسن. لقد أحببتك جدًا أكثر من نفسي .. لقد أخذت مكانك ولبست ثيابك، فهل تأخذ مكاني وتلبس أنت ثيابي؟ هل تعيش الحياة التي كنت سأعيشها أنا لو لم أُعدم لأجلك؟ تذكَّر أن ما عملتُه هو صورة لما عمله المسيح أيضا لأجلك». شقيقك الذي يحبك بالحق حتى الموت، منير
صديقي القاريء العزيز .. صديقتي القارئة العزيزة، لقد كان لا بد للرب يسوع في حبه لي ولك أن يدفع ثمن الجريمة - أقصد جريمة كل الخطايا التي عملتَها، مكتوب: {لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ وَأَمَّا هِبَةُ اللهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا} (رومية6: 23)
والموت المقصود هنا ليس هو مجرد الموت الجسدي، بل هو موت:
1. أدبي (افسس2: 1ورو3: 13)
2. جسدي (يع2: 26)
3. أبدي (رؤيا 20: 14)
هل تذكر ماذا حدث مع أبوينا آدم وحواء في الجنة عندما أكلا من الشجرة؟ {... وَأَوْصَى الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ قَائِلاً: «مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ»} (تكوين2: 16) {فَنَادَى الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ: «أَيْنَ أَنْتَ؟» فَقَالَ: «سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِي الْجَنَّةِ فَخَشِيتُ لأَنِّي عُرْيَانٌ فَاخْتَبَأْتُ». فَقَالَ: «مَنْ أَعْلَمَكَ أَنَّكَ عُرْيَانٌ؟ هَلْ أَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ أَنْ لاَ تَأْكُلَ مِنْهَا؟» ... وَصَنَعَ الرَّبُّ الإِلَهُ لآدَمَ وَامْرَأَتِهِ أَقْمِصَةً مِنْ جِلْدٍ وَأَلْبَسَهُمَا} (تك3: 11و21)
كان الحل في ذبيحة بديلة .. {صَنَعَ الرَّبُّ الإِلَهُ لآدَمَ وَامْرَأَتِهِ أَقْمِصَةً مِنْ جِلْدها والبسهما}، ثياب الخلاص، لهذا يترنم النبي إشعياء قديما قائلا: {فَرَحًا أَفْرَحُ بِالرَّبِّ. تَبْتَهِجُ نَفْسِي بِإِلَهِي لأَنَّهُ قَدْ أَلْبَسَنِي ثِيَابَ الْخَلاَصِ. كَسَانِي رِدَاءَ الْبِرِّ مِثْلَ عَرِيسٍ يَتَزَيَّنُ بِعِمَامَةٍ وَمِثْلَ عَرُوسٍ تَتَزَيَّنُ بِحُلِيِّهَا} (إشعياء61: 10)
هذا ما تمتع به الابن التائب الراجع لأبيه: {فَقَالَ الأَبُ لِعَبِيدِهِ: أَخْرِجُوا الْحُلَّةَ الأُولَى وَأَلْبِسُوهُ وَاجْعَلُوا خَاتَمًا فِي يَدِهِ وَحِذَاءً فِي رِجْلَيْهِ} (لوقا15: 22)
وهذه الثياب التي رفضها المدعو الذي دخل بثيابه الخاصة ولم يلبس ثياب العرس {ثياب الخلاص} فكان مصيرة الجحيم الأبدي: {فَامْتَلأَ الْعُرْسُ مِنَ الْمُتَّكِئِينَ. فَلَمَّا دَخَلَ الْمَلِكُ لِيَنْظُرَ الْمُتَّكِئِينَ رَأَى هُنَاكَ إِنْسَانًا لَمْ يَكُنْ لاَبِسًا لِبَاسَ الْعُرْسِ. فَقَالَ لَهُ: يَا صَاحِبُ كَيْفَ دَخَلْتَ إِلَى هُنَا وَلَيْسَ عَلَيْكَ لِبَاسُ الْعُرْسِ؟ فَسَكَتَ. حِينَئِذٍ قَالَ الْمَلِكُ لِلْخُدَّامِ: ارْبُطُوا رِجْلَيْهِ وَيَدَيْهِ وَخُذُوهُ وَاطْرَحُوهُ فِي الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ} (متى22: 11-13)
إن لبس ثياب الخلاص هو الأحتماء في المسيح وعمله الكفاري على الصليب، كما مات "منير" لأجل "محسن" في صورة فداء وحب باهتة لمعنى الاحتماء في المسيح. فمكتوب: {لأَنَّ كُلَّكُمُ الَّذِينَ اعْتَمَدْتُمْ بِالْمَسِيحِ قَدْ لَبِسْتُمُ الْمَسِيحَ} (غلا3: 27) {... وَأُوجَدَ فِيهِ، وَلَيْسَ لِي بِرِّي الَّذِي مِنَ النَّامُوسِ، بَلِ الَّذِي بِإِيمَانِ الْمَسِيحِ، الْبِرُّ الَّذِي مِنَ اللهِ بِالإِيمَانِ} (فيلبي 3: 9) فهل لبست معي ومع "محسن" ثياب الخلاص؟
هل تصلي معي الآن؟
صلاة: يا ربي يسوع يا إلهي يا صاحب الإحسان .. رغم أوراق التين هذه إلا أني عريان .. أريد أن ادخل فيك وأكتسي ببرك يا أجمل ستر وأمان ففيك وحدك الخلاص والحب يا نبع الحنان آمين
زكريا استاورو |