حكى خادم أمين للإنجيل هذه القصة الواقعية قائلا:
في صباح أحد الأيام خرجت إلى شاطيء البحر في خلوة روحية هناك, وكانت قد غرقت سفينة في الليلة الماضية قبالة الشاطي. ولما رأيت أحد البحارة الذي كان يقف على الشاطي بجواري، توقعت أنه يعرف عن حادثة السفينة الغارقة. فسألته عن غرق السفينة في الليلة الماضية وعن عدد الذين ماتوا غرقا. ولدهشتي الشديدة بدلاً من أن يجيبني على ذلك بادرني بالسؤال:
- «هل سلمت حياتك للرب يسوع المسيح؟ هل عندك سلام تجاه الأبدية؟»
فابتسمت وقلت:-«أشكر الرب يسوع مخلصي، الذي أعطيته حياتي، والآن أنا أخدمه بكل وقتي وجهدي وعمري». وبعد أن تعرفنا أحدنا على الآخر بفرح، سألته كيف صار هو مسيحيًا حقيقيًا. فحكى لي قصته قائلا:
في ليلة مثل ليلة الأمس، أنقذني الرب يسوع من الغرق في البحر، وأيضا الغرق إلى أبد الآبدين في البحيرة المتقدة بالنار والكبريت .. حدث ذلك في عام 1935م حيث مات اثنان لأجلي, فلقد مات الرب يسوع المسيح لأجلي منذ حوالي ألفَي عام، ومات صديقي يوسف أيضا لأجلي في عام 1935م ..
كانت ليلة رهيبة عاصفة، والأعاصير كانت شديدة جدًا أكثر من ليلة الأمس، ورغم مهارة قبطان سفينتنا إلا أنها اصطدمت بصخرة قريبة من الشاطيء, فأطلقنا الصفارات والمدافع، وأرسلنا الإشارات طالبين المساعدة والنجدة السريعة. ولما جاء قارب النجاة أنزلنا النساء والأطفال، وأوصلهم القارب للشاطيء، وجاء مرة ثانية ليأخذ باقي ركاب السفينة. وعرفنا أن عددًا من البحارة حتمًا سيغرقون, لأن القارب في المرة الثالثة لن يستطيع أن يأخذ كل البحارة, وكانت السفينة تغرق بكل ما فيها، فأجرينا قرعة سريعة، وكم كانت تعاستي وكآبتي عندما كانت قرعتي أن أبقى في السفينة التي كانت تغرق, عندها أحاط بي رعب الموت والأبدية والخوف من مقابلة الله وأنا غير مستعد لهذه المقابلة .. ومرت الثواني وكأنها سهام ملتهبة تتقاذفني .. يا لتفاهة الحياة .. لقد انتهت سريعا! يا للهول!
كانت القرعة قد جعلت "يوسف"، زميلي وصديقي القديم، ينجو في قارب النجاة. وكان "يوسف" مسيحيًا حقيقيًا، وكثيرًا ما كلمني عن الرب يسوع المسيح وعمله على الصليب والسلام الذي يعطيه لمن يؤمن به، ولكني كنت دائما أضحك وأستهزئ بكل ما يقوله، وكثيرًا ما كان يُرَدِّد على مسامعي الآية: {اسْتَعِدَّ لِلِقَاءِ إِلَهِكَ} (عاموس4: 12)
ولما جاء القارب، نزل فيه سريعًا كل من كانت قرعتهم النجاة، ولما جاء دور زميلي "يوسف" كانت المفاجأة أنه لم ينزل قارب النجاة، ودفعَني والفرح والسلام يشعان من عينيه قائلا: «اذهب أنت مكاني، وقابلني في السماء عند الرب يسوع. إن كنت تموت أنت الآن دون استعداد، فستذهب للجحيم حتمًا. أما أنا فبكل تأكيد ذاهب إلى السماء لأفرح مع يسوع».
رجع القارب بسلام وأنا عليه إلى الشاطيء، ونجونا نحن، وغاصت السفينة بمن عليها في أعماق الماء، وحبيبي "يوسف" قد غرق .. لقد مات "يوسف" لأجلى!عندما رأيت السفينة - وعليها "يوسف" - تغرق، تعهدت أن أعطي حياتي للرب يسوع الذي كان قد امتلك قلب "يوسف". وطوال الأيام التالية بدأت أقرأ الإنجيل، ولما قرأت إنجيل متى 5-7 موعظة المسيح العظيمة على الجبل، قلت في نفسي: لا فائدة مني؛ إنني لا أستطيع أن أعيش هذه الحياة، ولكن "يوسف" كان أوصاني أن أقابله في السماء، وصديقي "يوسف" كان يعرف أني شرير، فكيف يصل شرير للسماء؟!
ولكن عندما قرأت عن اللص المصلوب بجوار المسيح وكيف غفر له: {وَكَانَ وَاحِدٌ مِنَ الْمُذْنِبَيْنِ الْمُعَلَّقَيْنِ يُجَدِّفُ عَلَيْهِ قَائِلاً: «إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمَسِيحَ فَخَلِّصْ نَفْسَكَ وَإِيَّانَا!» فَانْتَهَرَهُ الآخَرُ قَائِلاً: «أَوَلاَ أَنْتَ تَخَافُ اللهَ إِذْ أَنْتَ تَحْتَ هَذَا الْحُكْمِ بِعَيْنِهِ؟ أَمَّا نَحْنُ فَبِعَدْلٍ لأَنَّنَا نَنَالُ اسْتِحْقَاقَ مَا فَعَلْنَا وَأَمَّا هَذَا فَلَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ». ثُمَّ قَالَ لِيَسُوعَ: «ﭐذْكُرْنِي يَا رَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ». فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «ﭐلْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ»} (لو23: 39-43) عندها فهمت معنى نعمة الله المخلصة، وسمعت الرب يقول لي: اليوم تكون معي في الفردوس. وفهمت ما عمله المسيح في حياة "يوسف".
إلى أن وصلت للمكتوب: {لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذَلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اَللهِ. لَيْسَ مِنْ أَعْمَالٍ كَيْلاَ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ. لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَالٍ صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا} (أفسس2: 8-10) استرحتُ تماما على ما عمله المسيح لأجلى ولا سيما عبارة {قد أُكمل} العظيمة التي قالها على الصليب: {وَكَانَ إِنَاءٌ مَوْضُوعًا مَمْلُوًّا خَلاً فَمَلأُوا إِسْفِنْجَةً مِنَ الْخَلِّ وَوَضَعُوهَا عَلَى زُوفَا وَقَدَّمُوهَا إِلَى فَمِهِ. فَلَمَّا أَخَذَ يَسُوعُ الْخَلَّ قَالَ: «قَدْ أُكْمِلَ». وَنَكَّسَ رَأْسَهُ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ} (يوحنا19: 29و30)
وصارت ابتسامة "يوسف"، والسلام الذي كان يشع من عينيه قبل أن يغرق لأجلي، لا يفارقان عينيَّ أبدًا. ولما جاء أصدقاء السوء كعادتهم، رفضت. والآن صار لي 5 سنوات منذ ذلك الحادث، وها أنا أعيش في سلام مع المسيح، أنتظر مجيئه لي، أو ذهابي أنا إليه، لأحقق ما قاله لي "يوسف" صديقي: «قابلني في السماء».
صديقي القاريء العزيز .. صديقتي القارئة العزيزة، إن حياتنا كالبخار كما هو مكتوب: {أَنْتُمُ الَّذِينَ لاَ تَعْرِفُونَ أَمْرَ الْغَدِ! لأَنَّهُ مَا هِيَ حَيَاتُكُمْ؟ إِنَّهَا بُخَارٌ، يَظْهَرُ قَلِيلاً ثُمَّ يَضْمَحِلُّ} (يعقوب4: 14) فهل ستقابل القديسين، بل الرب يسوع نفسه، في السماء؟
إن الجحيم مخلوقة للشياطين، كما هو مكتوب: {ذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ لإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِهِ} (متى25: 41) أما لي ولك، فالرب يسوع يقول: {فِي بَيْتِ أَبِي مَنَازِلُ كَثِيرَةٌ وَإِلاَّ فَإِنِّي كُنْتُ قَدْ قُلْتُ لَكُمْ. أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَانًا آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا، وَتَعْلَمُونَ حَيْثُ أَنَا أَذْهَبُ وَتَعْلَمُونَ الطَّرِيقَ}.
فهل تأتي إليه الآن لتقابله في السماء؟ هل تصلي معي؟
صلاة: يا من مُتَّ لأجلي وسفكت الدماء .. لتعد لي مكانًا معك في السماء .. ارحمني، أتوب إليك بدموع وبكاء .. وأنتظرك آتيا لي في الهواء .. لأكون معك دائما في المجد والبهاء آمين
زكريا استاورو |