حدث في زمانٍ ما وفي أرضٍ بعيدة جداً، أن كان يعيش رجل عجوز طيب القلب أحب كل شيء حتى الحيوانات, والطيور، والعنكبوت، والحشرات. وفي يومٍ ما بينما كان يتمشَّى في الغابات المحيطة بمنزله، وجد هذا الرجل الطيب القلب شرنقة. وإذ كان يحس بالوحدة، قرر أن يأخذ هذه الشرنقة إلى بيته ليُشاهد عملية التحوُّل الجميلة من شرنقة صغيرة لطيفة المنظر إلى فراشة جميلة.
ووضع الشرنقة برفق على المنضدة بالمطبخ، وأخذ يُراقبها بدقة لمدة أيام عدة. وفجأة، وفي اليوم السابع بدأت الشرنقة تتحرك وكانت تتحرك بعنف. وأحس العجوز بأسف على الفراشة الصغيرة التي داخل الشرنقة. وكان يُراقبها وهي تجاهد وتجاهد وتجاهد من داخل الشرنقة لكي تشقَّها!
وأخيراً، أشفق العجوز على فراشة الشرنقة، فاندفع إلى معونتها بمشرط جراحي، حيث شقَّ به الشرنقة برفق شديد شقّاً طولياً حتى يمكن للفراشة من الداخل أن تخرج منه وتبدو للعيان!
وكانت هي الفتحة، حيث خرجت منها الفراشة حُرَّة، ولكن لكي تستلقي وهي ذاوية بلا أي حِراك تماماً.
ولم يعرف العجوز حتى أن يفكر. فهل هو قتل الفراشة الصغيرة عن غير قصد؟ لا، فها هي تتحرَّك قليلاً! ربما كانت عليلة!
ومَن ذلك الحكيم الذي يستطيع أن يدلَّه عمَّا حدث لها؟ وأُحبط، وتحيَّر! وقال لنفسه: ”ماذا عليَّ أن أفعل“؟
وفي حسرته عمَّا فعل لهذا المخلوق الصغير، قرَّر أن أفضل ما يفعله هو أن يُرجعها برفق شديد إلى شرنقتها مرة أخرى.
وهكذا فعل، ولَحَم الشقَّ الذي فتحه بقليل من العسل، وترك الفراشة تتقوقع مرة أخرى في حالتها الطبيعية الأولى داخل الشرنقة.
وفي اليوم التالي لاحظ أن الشرنقة تتحرَّك مرة أخرى. يا لله! إنها تتحرك وتتحرك والفراشة من الداخل تجاهد وتجاهد. وأخيراً انطلقت الفراشة حُرَّة من شرنقتها، وفَرَدت جناحيها طولاً وعرضاً!
ما أكثر الوقت اللازم لكي يظهر الفجر! ها هي بجناحيها الملوَّنين المليئين بالنقوش البديعة! وطارت داخل الغرفة ثم خرجت من النافذة وهي في منتهى الجمال!
وكاد العجوز أن يطير من الفرح! وظل يراقبها وهي تطير في الخارج حتى غابت عن نظره. ما أعظم الفرح الذي أصابه!
ثم بدأ يُفكِّر، ما الخطأ الذي فعلته وأنا أحاول أن أساعد هذه الفراشة الصغيرة الجميلة على الخروج من شرنقتها المرة الأولى؟
وتوجَّه العجوز إلى المدينة، وبحث عن المكتبة العامة، وأخذ يُفتش في كل كتاب وجده عن الشرنقات والفراشات.
وأخيراً، عثر على الإجابة. فالفراشة كان لابد أن تجاهد وتجاهد داخل الشرنقة. وهذه هي الطريقة التي تحصل بها على القوة. وهذا ما دبَّره الله لها لكي تقدر أن تُقاوم، لكي تخرج قوية وجميلة!
ولا حاجة إلى القول إن العجوز اندهش، وحَزِن، ولكنه استراح أخيراً.
الآن عرف السبب فيما حدث منه للفراشة. فكان لابد للفراشة أن تجتاز هذا الموقف الصعب لكي تخرج إلى الحرية وتطير بحرية. كما عرف الرجل أنه كثيراً إذا ما أحببنا شيئاً أو شخصاً ما، فلابد أن نصلِّي من أجله ونُشجِّعه على الجهاد.
وتحقَّق أيضاً أن الله عجيب في حكمته، وأنه كثيراً ما يكون المظهر الخارجي غير ما نظن أنه هو الحقيقة في نظرنا.
فنحن جميعاً نشبه الفراشات الجميلة، ولابد لنا من الجهاد لكي نصير على ما نحن عليه من جمال.
 مشكلة الألم (رسالة بطرس الأولى)
يذكر الرسول بطرس 14سبب إيجابي للألم في حياة المسيحي الحقيقي وسبب واحد فقط سلبي ولا يخلو إصحاح واحد في الرسالة من ذكر الألم حيث تكررت كلمة ألم و مشتقاتها في تلك الرسالة 15 مرة:
أولا الألم ليس حسب مشيئة الله : فَلاَ يَتَأَلَّمْ أَحَدُكُمْ كَقَاتِلٍ، أَوْ سَارِقٍ، أَوْ فَاعِلِ شَرٍّ، أَوْ مُتَدَاخِلٍ فِي أُمُورِ غَيْرِهِ. وَلَكِنْ إِنْ كَانَ كَمَسِيحِيٍّ فَلاَ يَخْجَلْ، بَلْ يُمَجِّدُ اللهَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ لأَنَّهُ الْوَقْتُ لاِبْتِدَاءِ الْقَضَاءِ مِنْ بَيْتِ اللهِ. فَإِنْ كَانَ أَوَّلاً مِنَّا، فَمَا هِيَ نِهَايَةُ الَّذِينَ لاَ يُطِيعُونَ إِنْجِيلَ اللهِ؟وَإِنْ كَانَ الْبَارُّ بِالْجَهْدِ يَخْلُصُ، فَالْفَاجِرُ وَالْخَاطِئُ أَيْنَ يَظْهَرَانِ؟ فَإِذاً، الَّذِينَ يَتَأَلَّمُونَ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ فَلْيَسْتَوْدِعُوا أَنْفُسَهُمْ كَمَا لِخَالِقٍ أَمِينٍ فِي عَمَلِ الْخَيْرِ (1بط15:4-19)
ثانيا 14سبب للألم حسب مشيئة الله:
1-الألم لأجل التزكية : الَّذِي بِهِ تَبْتَهِجُونَ، مَعَ أَنَّكُمُ الآنَ - إِنْ كَانَ يَجِبُ - تُحْزَنُونَ يَسِيراً بِتَجَارِبَ مُتَنَوِّعَةٍ، لِكَيْ تَكُونَ تَزْكِيَةُ إِيمَانِكُمْ، وَهِيَ أَثْمَنُ مِنَ الذَّهَبِ الْفَانِي، مَعَ أَنَّهُ يُمْتَحَنُ بِالنَّارِ، تُوجَدُ لِلْمَدْحِ وَالْكَرَامَةِ وَالْمَجْدِ عِنْدَ اسْتِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ (1بط6:1و7)
2-الألم الذي يسبق المجد: بَاحِثِينَ أَيُّ وَقْتٍ أَوْ مَا الْوَقْتُ الَّذِي كَانَ يَدُلُّ عَلَيْهِ رُوحُ الْمَسِيحِ الَّذِي فِيهِمْ، إِذْ سَبَقَ فَشَهِدَ بِالآلاَمِ الَّتِي لِلْمَسِيحِ وَالأَمْجَادِ الَّتِي بَعْدَهَا. الَّذِينَ أُعْلِنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ لَيْسَ لأَنْفُسِهِمْ، بَلْ لَنَا كَانُوا يَخْدِمُونَ بِهَذِهِ الأُمُورِ الَّتِي أُخْبِرْتُمْ بِهَا أَنْتُمُ الآنَ بِوَاسِطَةِ الَّذِينَ بَشَّرُوكُمْ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ الْمُرْسَلِ مِنَ السَّمَاءِ. الَّتِي تَشْتَهِي الْمَلاَئِكَةُ أَنْ تَطَّلِعَ عَلَيْهَا(1بط11:1-12)
3-الألم كفاعلي شر: وَأَنْ تَكُونَ سِيرَتُكُمْ بَيْنَ الأُمَمِ حَسَنَةً، لِكَيْ يَكُونُوا فِي مَا يَفْتَرُونَ عَلَيْكُمْ كَفَاعِلِي شَرٍّ يُمَجِّدُونَ اللهَ فِي يَوْمِا الاِفْتِقَادِ،(1بط12:2)
4-الألم من أجل الضمير الصالح: لأَنَّ هَذَا فَضْلٌ إِنْ كَانَ أَحَدٌ مِنْ أَجْلِ ضَمِيرٍ نَحْوَ للهِ يَحْتَمِلُ أَحْزَاناً مُتَأَلِّماً بِالظُّلْمِ لأَنَّهُ أَيُّ مَجْدٍ هُوَ إِنْ كُنْتُمْ تُلْطَمُونَ مُخْطِئِينَ فَتَصْبِرُونَ؟بَلْ إِنْ كُنْتُمْ تَتَأَلَّمُونَ عَامِلِينَ لْخَيْرَ فَتَصْبِرُونَ،فَهَذَا فَضْلٌ عِنْدَ للهِ(1بط19:2-20)
5-الألم في إتباع مثال المسيح : لأَنَّكُمْ لِهَذَا دُعِيتُمْ. فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضاً تَأَلَّمَ لأَجْلِنَا، تَارِكاً لَنَا مِثَالاً لِكَيْ تَتَّبِعُوا خُطُواتِهِ. الَّذِي لَمْ يَفْعَلْ خَطِيَّةً، وَلاَ وُجِدَ فِي فَمِهِ مَكْرٌ، الَّذِي إِذْ شُتِمَ لَمْ يَكُنْ يَشْتِمُ عِوَضاً وَإِذْ تَأَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُهَدِّدُ بَلْ كَانَ يُسَلِّمُ لِمَنْ يَقْضِي بِعَدْلٍ (1بط21:2-23)
6-الألم لأجل البر: وَلَكِنْ وَإِنْ تَأَلَّمْتُمْ مِنْ أَجْلِ لْبِرِّ فَطُوبَاكُمْ. وَأَمَّا خَوْفَهُمْ فَلاَ تَخَافُوهُ وَلاَ تَضْطَرِبُوا، بَلْ قَدِّسُوا لرَّبَّ لإِلَهَ فِي قُلُوبِكُمْ، مُسْتَعِدِّينَ دَائِماً لِمُجَاوَبَةِ كُلِّ مَنْ يَسْأَلُكُمْ عَنْ سَبَبِ لرَّجَاءِ لَّذِي فِيكُمْ بِوَدَاعَةٍ وَخَوْفٍ، وَلَكُمْ ضَمِيرٌ صَالِحٌ، لِكَيْ يَكُونَ الَّذِينَ يَشْتِمُونَ سِيرَتَكُمُ لصَّالِحَةَ فِي لْمَسِيحِ يُخْزَوْنَ فِي مَا يَفْتَرُونَ عَلَيْكُمْ كَفَاعِلِي شَرٍّ لأَنَّ تَأَلُّمَكُمْ إِنْ شَاءَتْ مَشِيئَةُ للهِ وَأَنْتُمْ صَانِعُونَ خَيْراً، أَفْضَلُ مِنْهُ وَأَنْتُمْ صَانِعُونَ شَرّاً(1بط14:3-17)
7-الألم في إماتة شهوات الجسد : فَإِذْ قَدْ تَأَلَّمَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا بِالْجَسَدِ، تَسَلَّحُوا أَنْتُمْ أَيْضاً بِهَذِهِ النِّيَّةِ. فَإِنَّ مَنْ تَأَلَّمَ فِي الْجَسَدِ كُفَّ عَنِ لْخَطِيَّةِ، لِكَيْ لاَ يَعِيشَ أَيْضاً الزَّمَانَ الْبَاقِيَ فِي الْجَسَدِ لِشَهَوَاتِ لنَّاسِ، بَلْ لِإرَادَةِ اللهِ. لأَنَّ زَمَانَ الْحَيَاةِ الَّذِي مَضَى يَكْفِينَا لِنَكُونَ قَدْ عَمِلْنَا إِرَادَةَ لأُمَمِ (1بط1:4-3)
8-الألم لأجل الامتحان:أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لاَ تَسْتَغْرِبُوا الْبَلْوَى الْمُحْرِقَةَ الَّتِي بَيْنَكُمْ حَادِثَةٌ، لأَجْلِ امْتِحَانِكُمْ، كَأَنَّهُ أَصَابَكُمْ أَمْرٌ غَرِيبٌ، بَلْ كَمَا اشْتَرَكْتُمْ فِي آلاَمِ لْمَسِيحِ فْرَحُوا لِكَيْ تَفْرَحُوا فِي سْتِعْلاَنِ مَجْدِهِ أَيْضاً مُبْتَهِجِينَ.(1بط12:4-13)
9-الألم لأجل أسم المسيح : بَلْ كَمَا اشْتَرَكْتُمْ فِي آلاَمِ لْمَسِيحِ فْرَحُوا لِكَيْ تَفْرَحُوا فِي اسْتِعْلاَنِ مَجْدِهِ أَيْضاً مُبْتَهِجِينَ.إِنْ عُيِّرْتُمْ بِاسْمِ الْمَسِيحِ فَطُوبَى لَكُمْ، لأَنَّ رُوحَ لْمَجْدِ وَللهِ يَحِلُّ عَلَيْكُمْ.(1بط13:4و14)
10-الألم في القتال مع إبليس:مُلْقِينَ كُلَّ هَمِّكُمْ عَلَيْهِ لأَنَّهُ هُوَ يَعْتَنِي بِكُمْ. اُصْحُوا واسْهَرُوا لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِساً مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ. فَقَاوِمُوهُ رَاسِخِينَ فِي الإِيمَانِ، عَالِمِينَ أَنَّ نَفْسَ هَذِهِ لآلاَمِ تُجْرَى عَلَى أخوتكم الَّذِينَ فِي لْعَالَمِ(1بط7:5-9)
11-الألم للتكميل: َإِلَهُ كُلِّ نِعْمَةٍ الَّذِي دَعَانَا إِلَى مَجْدِهِ الأَبَدِيِّ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، بَعْدَمَا تَأَلَّمْتُمْ يَسِيراً، هُوَ يُكَمِّلُكُمْ (1بط10:5)
12-الألم للتثبيت: بَعْدَمَا تَأَلَّمْتُمْ يَسِيراً، هُوَ يُكَمِّلُكُمْ، وَيُثَبِّتُكُمْ، (1بط10:5)
13-الألم للتقوية :بَعْدَمَا تَأَلَّمْتُمْ يَسِيراً، هُوَ يُكَمِّلُكُمْ، وَيُثَبِّتُكُمْ، وَيُقَوِّيكُمْ، (1بط10:5)
14-الألم للتمكين: بَعْدَمَا تَأَلَّمْتُمْ يَسِيراً، هُوَ يُكَمِّلُكُمْ، وَيُثَبِّتُكُمْ، وَيُقَوِّيكُمْ، وَيُمَكِّنُكُمْ (1بط10:5)