أجتمع جمهور كبير من الاف الناس في قاعة الأحتفالات الكبرى في مدينة لندن في المملكة المتحدة للأحتفال بعيد ميلاد أحد المغنين الأنجليز المشهورين بالصوت العذب الرائع والأداء الرشيق الذي يناسب الشباب, وكان الجمهور الحضور يحفظون أغانيه على ظهر القلب ويرددونها باستمرار وضمن الحضور كان يجلس شيخ تجاوز الثمانين من عمره لكن كانت تبدو عليه علامات الوقار والجلال.
أبتدأ المغني الشاب يشدو بأغانيه الواحدة تلو الآخرى وسط تشجيع وهتاف وتصفيق الجموع , وقرب نهاية الحفل وقف المغني ليسأل الناس أن كانوا يطلبون منه أن يغني أغنية خاصة آخرى أخيرة , وعندها وقف الشيخ الوقور وطلب من المغني الشاب قائلا: أتمنى من فضلك أن استمع منك للمزمور الثالث والعشرين مزمور الراعي بصوتك الرخيم , فصمت المغني لحظات وتردد وقال للشيخ : نعم سأقرأ لك مزمور الراعي بصوتي بشرط أن تأتي أنت هنا على المنصة بعدي وتقرأ نفس المزمور بصوتك أنت فوافق الشيخ الوقور.
وابتدأ المغني ينشد بصوته العذب الجميل : اَلرَّبُّ رَاعِيَّ فَلاَ يُعْوِزُنِي شَيْءٌ. فِي مَرَاعٍ خُضْرٍ يُرْبِضُنِي. إِلَى مِيَاهِ الرَّاحَةِ يُورِدُنِي. يَرُدُّ نَفْسِي. يَهْدِينِي إِلَى سُبُلِ الْبِرِّ مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ. أَيْضاً إِذَا سِرْتُ فِي وادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرّاً لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي. عَصَاكَ وَعُكَّازُكَ هُمَا يُعَزِّيَانِنِي. تُرَتِّبُ قُدَّامِي مَائِدَةً تُجَاهَ مُضَايِقِيَّ. مَسَحْتَ بِالدُّهْنِ رَأْسِي. كَأْسِي رَيَّا. إِنَّمَا خَيْرٌ وَرَحْمَةٌ يَتْبَعَانِنِي كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِي وَأَسْكُنُ فِي بَيْتِ الرَّبِّ إِلَى مَدَى الأَيَّامِ.
وبعدما أنتهى المغني من قرأة المزمور ضجت القاعة بالتصفيق الشديد لمدة طويلة , وبعدها جاء دور الشيخ وصعد إلى المنصة أمام الألاف وأبتدأ يقرأ مزمور الراعي , وعندها ساد الهدوء والصمت وأمتلأت العيون من البكاء وسالت الدموع غزيرة وأكمل المزمور ثم جلس. وعندها وقف المغني في تأثر واضح وقال للجمهور :أتعرفون الفرق بيني وبين هذا الأب الوقور؟الفرق أنني أعرف مزمور الراعي أما هو فيعرف الراعي نفسه وقد أختبره وسار معة السنين الطويلة!
عزيزي القاريء عزيزتي القارئة نعم فرق كبير أن تعرف عن الرب وأن تعرف الرب نفسه لهذا قال الرسول بولس الذي أختبر الرب : بَلْ إِنِّي أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ أَيْضاً خَسَارَةً مِنْ أَجْلِ فَضْلِ مَعْرِفَةِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّي، الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ خَسِرْتُ كُلَّ الأَشْيَاءِ، وَأَنَا أَحْسِبُهَا نُفَايَةً لِكَيْ أَرْبَحَ الْمَسِيحَ وَأُوجَدَ فِيهِ، لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهاً بِمَوْتِهِ،(فيلبي3: 8-10) وأيضا : وَأَمَّا الآنَ إِذْ عَرَفْتُمُ اللهَ، بَلْ بِالْحَرِيِّ عُرِفْتُمْ مِنَ اللهِ،(غلاطية4: 9)
الرب هو الراعي الحقيقي لكن البشر لم يستطيعوا أن يرعوا البشر فمكتوب : [يَا ابْنَ آدَمَ تَنَبَّأْ عَلَى رُعَاةِ إِسْرَائِيلَ, وَقُلْ لَهُمْ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ لِلرُّعَاةِ: وَيْلٌ لِرُعَاةِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ كَانُوا يَرْعُونَ أَنْفُسَهُمْ. أَلاَ يَرْعَى الرُّعَاةُ الْغَنَمَ؟ تَأْكُلُونَ الشَّحْمَ وَتَلْبِسُونَ الصُّوفَ وَتَذْبَحُونَ السَّمِينَ وَلاَ تَرْعُونَ الْغَنَمَ. الْمَرِيضُ لَمْ تُقَوُّوهُ, والْمَجْرُوحُ لَمْ تَعْصِبُوهُ, وَالْمَكْسُورُ لَمْ تَجْبُرُوهُ, وَالْمَطْرُودُ لَمْ تَسْتَرِدُّوهُ, والضَّالُّ لَمْ تَطْلُبُوهُ, بَلْ بِشِدَّةٍ وَبِعُنْفٍ تَسَلَّطْتُمْ عَلَيْهِمْ. فَتَشَتَّتَتْ بِلاَ رَاعٍ وَصَارَتْ مَأْكَلاً لِجَمِيعِ وُحُوشِ الْحَقْلِ, وَتَشَتَّتَتْ. ضَلَّتْ غَنَمِي فِي كُلِّ الْجِبَالِ وَعَلَى كُلِّ تَلٍّ عَالٍ وَعَلَى كُلِّ وَجْهِ الأَرْضِ. تَشَتَّتَتْ غَنَمِي وَلَمْ يَكُنْ مَنْ يَسْأَلُ أَوْ يُفَتِّشُ(حزقيال34: 1-7) وعن الراعي الحقيقي :لأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَئَنَذَا أَسْأَلُ عَنْ غَنَمِي وَأَفْتَقِدُهَا. كَمَا يَفْتَقِدُ الرَّاعِي قَطِيعَهُ يَوْمَ يَكُونُ فِي وَسَطِ غَنَمِهِ الْمُشَتَّتَةِ, هَكَذَا أَفْتَقِدُ غَنَمِي وَأُخَلِّصُهَا مِنْ جَمِيعِ الأَمَاكِنِ الَّتِي تَشَتَّتَتْ إِلَيْهَا فِي يَوْمِ الْغَيْمِ والضَّبَابِ... أَنَا أَرْعَى غَنَمِي وَأُرْبِضُهَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. وَأَطْلُبُ الضَّالَّ, وَأَسْتَرِدُّ الْمَطْرُودَ,وَأَجْبِرُ الْكَسِيرَ,وَأَعْصِبُ الْجَرِيحَ,وَأُبِيدُ السَّمِينَ والْقَوِيَّ,وَأَرْعَاهَا بِعَدْلٍ... وَأُقِيمُ عَلَيْهَا رَاعِياً وَاحِداً فَيَرْعَاهَا عَبْدِي دَاوُدُ.هُوَ يَرْعَاهَا وَهُوَ يَكُونُ لَهَا رَاعِياً..فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلَهُهُمْ مَعَهُمْ,وَهُمْ شَعْبِي بَيْتُ إِسْرَائِيلَ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. وَأَنْتُمْ يَا غَنَمِي,غَنَمُ مَرْعَايَ,أُنَاسٌ أَنْتُمْ.أَنَا إِلَهُكُمْ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ] (حزقيال34ع11و12و15و16 و23و30 و31) لقد أختبر يعقوب أبو الأسبط الراعي فقال عنه :وَلَكِنْ ثَبَتَتْ بِمَتَانَةٍ قَوْسُهُ وَتَشَدَّدَتْ سَوَاعِدُ يَدَيْهِ. مِنْ يَدَيْ عَزِيزِ يَعْقُوبَ مِنْ هُنَاكَ مِنَ الرَّاعِي صَخْرِ إِسْرَائِيل َ(تكوين49: 24)
هو الذي يرعى الكبير والصغير :هُوَذَا السَّيِّدُ الرَّبُّ بِقُوَّةٍ يَأْتِي وَذِرَاعُهُ تَحْكُمُ لَهُ. هُوَذَا أُجْرَتُهُ مَعَهُ وَعُمْلَتُهُ قُدَّامَهُ. كَرَاعٍ يَرْعَى قَطِيعَهُ. بِذِرَاعِهِ يَجْمَعُ الْحُمْلاَنَ وَفِي حِضْنِهِ يَحْمِلُهَا وَيَقُودُ الْمُرْضِعَاتِ».(أشعياء40: 10و11) ولقد ضرب عند الصليب :[اِسْتَيْقِظْ يَا سَيْفُ عَلَى رَاعِيَّ وَعَلَى رَجُلِ رِفْقَتِي يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ. اِضْرِبِ الرَّاعِيَ فَتَتَشَتَّتَ الْغَنَمُ وَأَرُدُّ يَدِي عَلَى الصِّغَارِ.(زكريا13: 7) ويوجد في العهد القديم خمسة رعاة يرمزون للرب يسوع الراعي الصالح :
1-هابيل : الراعي الذي يذبح لأجل البر(تكوين4: 2)
2-يعقوب: (تكوين30: 31و31: 38-40و33: 13و14)
3-يوسف :يرعى غنم ابيه (تكوين37: 2)
4-موسى :(خروج2: 16و17و3: 1)
5-داود : (1صموئيل17: 34و35)
وهناك 3 القاب للرب يسوع في رعايته :
أولا-الراعي الصالح: الذي مات لأجل الخطاة , كما قال:أَنَا هُوَ الرَّاعِي الصَّالِحُ وَالرَّاعِي الصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ الْخِرَافِ. (يوحنا10: 11) وهو يبحث عن كل خاطي ضال : «أَيُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ لَهُ مِئَةُ خَرُوفٍ وَأَضَاعَ وَاحِداً مِنْهَا أَلاَ يَتْرُكُ التِّسْعَةَ وَالتِّسْعِينَ فِي الْبَرِّيَّةِ وَيَذْهَبَ لأَجْلِ الضَّالِّ حَتَّى يَجِدَهُ؟ (لوقا15: 4-7)
ثانيا راعي الخراف العظيم :وهو الذي يعتني بالمؤمنين طوال رحلة البرية , وَإِلَهُ السَّلاَمِ الَّذِي أَقَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ رَاعِيَ الْخِرَافِ الْعَظِيمَ، رَبَّنَا يَسُوعَ، بِدَمِ الْعَهْدِ الأَبَدِيِّ، لِيُكَمِّلْكُمْ فِي كُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ لِتَصْنَعُوا مَشِيئَتَهُ، عَامِلاً فِيكُمْ مَا يُرْضِي أَمَامَهُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، (عبرانين13: 20و21) اَلرَّبُّ رَاعِيَّ فَلاَ يُعْوِزُنِي شَيْءٌ(مزمور23: 1)
ثالثا رئيس الرعاة : وهو الذي سيأتي لأخد المؤمنين للسماء , ارْعَوْا رَعِيَّةَ اللهِ الَّتِي بَيْنَكُمْ نُظَّاراً، لاَ عَنِ اضْطِرَارٍ بَلْ بِالاِخْتِيَارِ، وَلاَ لِرِبْحٍ قَبِيحٍ بَلْ بِنَشَاطٍ، وَلاَ كَمَنْ يَسُودُ عَلَى الأَنْصِبَةِ بَلْ صَائِرِينَ أَمْثِلَةً لِلرَّعِيَّةِ، وَمَتَى ظَهَرَ رَئِيسُ الرُّعَاةِ تَنَالُونَ إِكْلِيلَ الْمَجْدِ الَّذِي لاَ يَبْلَى(1بطرس5: 1-4) فهل تعرفت عليه
صلاة : أيها الراعي الصالح العجيب يا من ذبحت لأجل ذنبي المعيب اسلمك حياتي أيها الراعي الحبيب لترعاني في رحلة الدرب الرهيب في انتظار مجيئك الثاني القريب آمين
|