وُلد الطفل "يوحنا" عام 1928م في قرية "إليستو" وهي تبعد ميلاً واحدًا عن "بدفورد" ببريطانيا واسما أبويه "توماس بنيان" و "مارجريت بنتلي". ولما كان "يوحنا" هو أكبر الأولاد للأب الفقير أخرجه أبوه من المدرسة لكي يساعده في العمل كسمكري صغير.
ماتت أم "يوحنا" لما كان فتىً في السادسة عشرة من عمره، فالتحق بالجيش، ونجا من الموت والغرق أكثر من مرة. ويذكر دائمًا أنه كان مكلفًا مع زملائه الجنود بأن يحاصروا مكانًا، فرجاه أحد الزملاء أن يذهب بدلاً منه ووافق "يوحنا". وقُتل هذا الصديق في عملية الحصار هذه.
كانت عناية الله المستمرة في حياة الشاب "يوحنا بنيان" تجعله يفكر كثيرًا في الله والأبدية، ولكن الأصدقاء الأشرار كانوا دائمًا ما يعطلوا أية محاولة صادقة منه للاقتراب لله.
وفي عام 1646م انحل الجيش، فرجع يوحنا إلى "اليستو" وتزوج من شابة تقية. وكان يقرأ الكتاب المقدس وكُتبًا روحيةً أخرى كرغبة منه في التدين، لكنه كان لا يزال مع أصدقاء الشر يمارسون الشر والرزيلة.
وفي ذات يوم كان الشاب "يوحنا بنيان" في طريقه إلى "بدفورد" وسمع في الطريق بعض السيدات يتحدثن في أمور مسيحية، فاقترب إليهن وشاركهن الحديث. ولأول مرة يسمع عن الولادة الجديدة، والحرب الروحية، واختبارات العمق والشركة مع الله، وعندها أدرك "بنيان" أن مسيحيته ليست المسيحية الحقيقية، وعندها دخل مخدعه وطلب من الرب يسوع المسيح أن يغير حياته، فنال الولادة الجديدة وسكن الروح القدس قلبه، وتأكد وقتها أن كل أحمال خطاياه سقطت عند صليب الرب يسوع.
بدأ "يوحنا" يكلم النفوس عن المسيح المحرر، ودُعي الشابّ السمكري ليعظ في كنائس كثيرة، وكانت الألوف تتزاحم لتسمع كلمة الرب عن طريق "يوحنا بنيان" الممتليء بالروح القدس، وعندها تفرَّغَ "يوحنا بنيان" لخدمة الرب يسوع.
في أبريل من عام 1660م أعيد مُلك "تشارلس الثاني"، فأصدر قوانين قاسية على كل من يخدم خارج كنيسة انجلترا، وقُبض على "بنيان" وسُجن لأنه رفض أن يصمت عن الكرازة بالمسيح أو حتى أن يتعهد بذلك.
أُطلق سراح "يوحنا بنيان" عام 1672م، أي انه قضى 12 عامًا في السجن منذ كان عمره 32 حتى صار 44 سنة، لأجل المسيح وكلمته.
صديقي القاري العزيز .. صديقتي القارئة العزيزة، أسمعك تقول:
«يا للظلم! ولماذا سمح الله بذلك؟». الإجابة هي:
{َنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ} (رومية8: 28).
لقد كتب "بنيان" في السجن أعظم الكتب من الستين كتابًا التي كتبها في حياته، وهو كتاب "السائح المسيحي" أهم هذه الكتب على الإطلاق. وهو يعتبر أكثر الكتب انتشارًا في العالم بعد الكتاب المقدس، حيث تُرجم للعديد من اللغات وقُدِّم بمختلف الطرق ككتاب أو كفيلم سينيمائي. نعم وعرف "يوحنا بنيان" من وقتها "بالسمكري السائح المسيحي".
في يوم 31 من أغسطس عام 1688م، عَبَرَ "يوحنا بنيان" النهر العظيم الذي تحدث عنه في كتاب السائح المسيحي إلى المدينة المحبوبة التي كثيرًا ما كان يشتاق الذهاب إليها كما هو مكتوب: {مِنْ بَعِيدٍ نَظَرُوهَا وَصَدَّقُوهَا وَحَيُّوهَا، وَأَقَرُّوا بِأَنَّهُمْ غُرَبَاءُ وَنُزَلاَءُ عَلَى الأَرْضِ ... وَلَكِنِ الآنَ يَبْتَغُونَ وَطَنًا أَفْضَلَ، أَيْ سَمَاوِيًّا} (عب11: 13-16).
صديقي القاريء العزيز .. صديقتي القارئة العزيزة، لقد عاش "يوحنا بنيان" سنين طويلة متدينًا ظاهريًا، ولكن لم يكن قد وُلد من الله.
وربما تسألني:
«وما معنى الولادة من الله؟».
لقد َقَالَ يَسُوعُ: {«ﭐلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ الله». قَالَ لَهُ نِيقُودِيمُوسُ: «كَيْفَ يُمْكِنُ الإِنْسَانَ أَنْ يُولَدَ وَهُوَ شَيْخٌ؟ أَلَعَلَّهُ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ بَطْنَ أُمِّهِ ثَانِيَةً وَيُولَدَ؟» أَجَابَ يَسُوعُ: ﭐلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ الله} (يوحنا3:3-8) فالولادة الثانية بالماء، أي كلمة الله (إش55: 10،11 وحز36: 25-27 وأف5: 25و26و1بط1: 23ويع1: 18). وبالروح القدس (مز104: 30و2كو4: 6).
والفرق بين المتدين ظاهريًا وبين المولود من الله، فرق عظيم جدًا في نظر الله وفي حياتك وأبديتك أيضًا، حتى وإن كان البشر يمكن أن يخلطوا بين التدين والولادة من فوق كالخلط بين الأزهار الطبيعية والأزهار البلاستيكية الصناعية، لكن الرب يسوع يعرف القلب ويقول :
- {«يَا مُرَاؤُونَ! حَسَنًا تَنَبَّأَ عَنْكُمْ إِشَعْيَاءُ قَائِلاً: يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هَذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ وَيُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيدًا»} (مت15: 7و8). أخاف عليك أن تكون متدينًا ظاهريًا فقط لأنك ولدت في بيت مسيحي دون أن تتقابل مقابلة شخصية مع الرب يسوع. فهل تُعَرِّض نفسك لجهاز أشعة الطبيب العظيم يسوع المسيح؟ وتقول له مع داود ..
صلاة:
اخْتَبِرْنِي يَا اللهُ وَاعْرِفْ قَلْبِي.
امْتَحِنِّي واعْرِفْ أَفْكَارِي.
وَانْظُرْ إِنْ كَانَ فِيَّ طَرِيقٌ بَاطِلٌ
واهْدِنِي طَرِيقًا أَبَدِيًّا
(مز139: 23و24)
قَلْبًا نَقِيًّا اخْلُقْ فِيَّ يَا اللهُ
وَرُوحًا مُسْتَقِيمًا جَدِّدْ فِي دَاخِلِي
(مز51: 10)
آمين
زكريا استاورو
|