من اليهودية إلى "المسيا"
رأيتُه يستند على عربته الخاصة التي كتب على لوحة أرقامها بخط إنجليزي واضح MASIAH أي "المسيا"، كان ذلك في يوم الخميس الأول من يونيه عام 2000 في تورنتو بكندا، في فناء الكنيسة، وقد التف من حوله الشباب من مختلف الجنسيات، وهو يبرهن لهم في حب شديد، وبأدلة قوية ثابتة وحماس وغيرة، أن يسوع المسيح هو المسيا المنتظر، الذي ما زال اليهود آباؤه وأجداده ينتظرونه حتى هذا اليوم.
سمعته يقول:
«لقد وجدته وتعرّفت عليه، إنه بكل تأكيد هو يسوع المسيح الذي صلبه أجدادنا، ومات وقام حسب النبوات».
اقتربت إليه بعد أن أنهى حديثه الرائع مع الشباب، وبعد أن قدم لهم عشرات النبوات من العهد القديم التي كانت قد تمت في حياة المسيح وموته وقيامته في العهد الجديد. قال لي
«شلوم (كلمة عبرية معناها سلام)».
رددت التحية وسألته:
«هل أنت يهودي؟»
قال لي والفرح يشع من وجهه:
«نعم، أنا في الأصل يهودي من اليهود المتدينين، ولكن أشكر الرب الذي في نعمته أنار عينيّ وقلبي لأتعرف على المسيا، الرب يسوع المسيح، الذي ما زال آبائي وأجدادي ينتظرونه ويبحثون عنه».
قلت له:
«كيف تقابلت مع الرب يسوع المسيح وعرفته أنه المسيا المُنتظر؟»
أجاب وهو يسترجع ذكريات الماضي:
«اسمي "جدعون ليفيتام"، وُلدت سنة 1956 في مدينة أورشليم. أبي "أفراهام ليفيتام"، من يهود "الصابرا" SABRA الذين وُلدوا في الأرض في أورشليم، أما أجداده فمن اليهود الذين هاجروا. أمي "أستير ليفيتام"، وُلدت في "سالونيكا" باليونان وهاجرت عام 1931 إلى "تل أبيب" وكان عمرها 7 سنوات.
في سن الثالثة عشر حفظت التوراة (أسفار موسى الخمسة) مثل جميع فتيان اليهود، وفي حفل "البارميتازفا" BARMITAZVAH (وهو دخولي المجمع اليهودي)، أعطوني "التيفيلين" TEFILLIN وهي قطعة من جلد أضعها على يدي تُذكِّرني أني يهودي مرتبط بالله ووصاياه حسب (تثنية 18:11).
في سن الثامنة عشر تقابلت مع مجموعة من الأصدقاء الكنديين والسويسريين في أورشليم، وعرفت منهم أنهم من الشباب المسيحي المتطوع لتوزيع الكتاب المقدس في أورشليم. قالوا لي إن يسوع المسيح هو المسيا المنتظر، ولكني تجاهلت بسخرية كل ما قالوه، واعتبرت أن أي حديث عن الدين مع أمم غير يهود هو كُفر يجلب لعنات الله عليّ.
وكنت وقتها جندي ودخلت حرب أكتوبر 1973 وأُنقذت من الموت بأعجوبة. ورأيت مئات من زملائي الجنود يُقتلون وجثثهم تتطاير حولي، ولكني نجوت بمعجزة. مما دعاني لأن أفكر جيدًا في السؤال الحتمي: «ماذا بعد الموت؟». ولم أكن وقتها أتمتع بأي سلام أواجه به الموت.
في عام 1976 أُنقذت أيضًا من حادث أتوبيس بمعجزة أخرى، تأكدت بعدها أن الله يتكلم إليّ، ولكني لم أعرف الله معرفة حقيقية، كانت مجرد مبادئ تعلمتها كيهودي لم تعطني أي سلام ولم تعالج الفزع داخلي تجاه الموت وما بعده.
في يوليو 1976 سافرت إلى كندا، وهناك مرة أخرى تقابلت مع أصدقائي المسيحيين الذين كنت قد تعرفت عليهم في أورشليم. وفي يوم من الأيام أهدتني أم أحد أصدقائي الكتاب المقدس باللغة العبرية وقالت لي: العهد القديم هو الكتاب الذي ما زال اليهود يؤمنون به، والعهد الجديد هو ما بعد ميلاد المسيا.
قبلت الكتاب منها مُحرجًا، وحاولت إخفاء غضبي ومشاعري التي قد جُرِحَت كثيرًا بقبولي لهذا الكتاب. وبينما أنا أضعه في حجرتي، تعّهدت أمام الله إله إسرائيل أني لن أجلب اللعنة على نفسي أبدًا بأن أقرأ كتاب الأمم هذا وأنا يهودي.
مرة أخرى تلقيت الإنجيل العهد الجديد من أسرة "يعقوب ومرجريت"، وهما مُرسلان مسيحيان متقدمان في الأيام كانا قد أظهرا لي كثيرًا من الحب العملي، فقبلته منهما مع بعض الكتيبات والنبذ العبرية التي قرأتها وفهمت منها أن (يشوا) Yeshue (أو يسوع) هو المسيا وأنه كان لا بد أن يُصلب ويُذبح ليوفي مطاليب عدل الله تجاه الخطية ثم يقوم من الأموات.
أنهيت دراستي الجامعية في كندا، وسافرت إلى إسرائيل مرة أخرى، وتقابلت مع أصدقائي وأهلي الذين أعطوني "الكيبا" Kippa (غطاء الرأس لليهودي المتدين)، فلبسته. ثم زُرت إيطاليا وتقابلت مع أخي الذي كان يدرس الطب هناك، وما أن تحدثت معه عن الأمور المختصة بيسوع، انزعج، فقلت له:
- «لا تخف! أنا ما زلت يهوديًا ولكني أبحث عن الحقيقة».
رجعت مرة أخرى إلى كندا وسكنت أمام الكنيسة التي يحضرها أصدقائي. وفي يوم من الأيام شعرت بعطش حقيقي لأن أعرف الله. فركعت وقُلت له:
«سأقرأ الكتاب المقدس، فإن كان هذا الكتاب منك فلتكلمني من خلاله، وإن كان من الشيطان فابعده عني، ودعني أكرس كل عمري لمهاجمته».
ولما قرأت الكتاب المقدس فهمت معنى أن الله واحد مثلث الأقانيم، فهذا واضح جدًا حتى في العهد القديم. وفهمت كيف أن الذبائح كلها ترمز إلى موت وصلب المسيا، وكم أذهلتني نبوة إشعياء 53، مزمور 22، فأيقنت أن يسوع هو المسيا مخلص العالم الذي جاء ليجمع الشعب كالدجاجة التي تجمع فراخها تحت جناحيها (متى 37:23-39) وأيضًا ليصالح اليهود مع الأمم (أفسس 16:2-18)، وأدركت كيف أني خاطئ بالطبيعة كباقي البشر لأنه لا فرق إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله (رومية 23:3)، فيسوع ليس عدو اليهود بل مسياهم المنتظر. فطلبت منه أن يطهرني ويغسلني بدماه واعتمدت باسمه. ثم تفرغت في عملي لأشهد طوال الأيام عنه مع زوجتي "أيرين" التي كنت قد قابلتها في عام 73 وكانت وقتها متطوعة لنشر الإنجيل في أورشليم. الآن نقول مع "أندراوس" لكل العالم وفي كل العالم: {قد وجدنا مسيا الذي تفسيره المسيح}.
صديقي .. صديقتي، هل وجدته؟ هل تأتي الآن إليه فيجدك هو أيضًا قائلاً: {«افرحوا معي لأني وجدت خروفي الضال»} (لوقا 6:15)؟
فلتُصل معي وأنت تقرأ هذه القصة الواقعية:
صلاة:
أيها الرب يسوع المنتصر ..
يا من عشت في أرضنا كالمحتقر ..
صُلبت لأجلنا من أيدي البشر ..
أومن أنك أنت ابن الله المسيا المنتظر ..
أحبك فمرآك يُبهج البصر ..
أتبعك لأقتفي خلفك الأثر.
آمين.
زكريا استاورو
|