واثق عند موته
- «هل يمكن لإنسان أن لا يخاف الموت؟»
بل إن السؤال الأكثر غرابة:
- «هل يمكن لإنسان أن يعرف ميعاد موته ويفرح به ويوصي أقاربه أن يفرحوا معه؟»
للإجابه على هذا السؤال العجيب، سأروي لك هذه القصة الحقيقية, التي سمعتها ورأيت عناصرها الحية في زيارتي لمدينة "بني سويف" بصعيد مصر في ديسمبر 2003م.
فبينما كنت أتناول طعام الغداء في بيت أحد المؤمنين، لاحظت أمامي على الحائط صورة لرجل تبدو عليه علامات الوقار، ولما سألت، قال لي ابنه:
- «إنه أبي الراحل "صابر جورجي"»
وأردف قائلا:
- «أكيد أنك تعرف قصته»
فأجبته:
- «للأسف لا»
فقال:
- «الكثيرون هنا في بني سويف يعرفون قصته».
فبادرتُهُ:
- «من فضلك اروها لي سريعًا»
فأجابني:
- «بعد أن تنتهي من تناول الغذاء»!
ولما انتهيت من الطعام، دخل إلى مكتبه، وأحضر نوتة، وفتح صفحتان، وقال لي:
- «اقرأ تلك السطور»
فأخذت أقرأ بشغف. وهذه بعض الكلمات المكتوبة:
أسرتي المباركة: زوجتي الفاضلة، بناتي، أبنائي، أصهاري، كنتي، حفيداتي، أحفادي .. وكل من يمت لي بأية صلة وقرابة جسدية، وإخوتي وأخواتي في المسيح ..
في هذا التاريخ من عام 1988 سأكمل 76 سنة من العمر، والذي لم يصل إليه أحد من والديَّ. ولقد غمرني الرب بالكثير والكثير من البركات الروحية: غفران - تبرير - ولادة ثانية - سكنى الروح القدس - حياة أبدية - رجاء مبارك - سبقها دعوة سماوية، سبقها اختيار أزلي، ثم رعاية وعناية إلهية منذ وجودي إلى الآن - خير ورحمة يتبعانني كل أيام حياتي - لم يعوزني شيئًا - منحني عمرًا طويلاً وسلامًا عائليًا وحفظًا كاملا لجميع أفراد اسرتي، والآن لا ينقصني سوى التمتع برؤية شخص الحبيب الفادي الرب يسوع.
وبالرغم من أنه كان رجائي أن يكون لي نصيب أن أرنم: «أين شوكتك يا موت (بمجيء الرب للاختطاف)» ولكني الآن أعلم أني سوف أرنم: «أين غلبتك يا هاوية (بالرقاد والقيامة)» ولي ثقة أن شوكة الموت التي كسرها المسيح بموته على الصليب لن تكون قاسية، لأنه إذا سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شرًا لأنك أنت معي .. هللويا.
لا أريد أن يقرأ أحدكم هذه المذكرة في حياتي، ولكن أرجو أن تكون سبب تعزية بعد انطلاقي.
أصلي للرب أن يمنحكم تعزية فائضة بالرجاء المبارك، وإلى اللقاء يوم مجيء الرب ليقيم الراقدين ويغير الأحياء ونخطف جميعا لملاقاته في السحب في الهواء، وهكذا نكون كل حين مع الرب .. هللويا .. هللويا .. هللويا.
صابر جورجي
إمضاء بالانجليزية
مع التاريخ 22-1- 1988
صديقي القارئ العزيز .. صديقتي القارئة العزيزة، لقد رحل هذا الأخ الواثق عند موته بلا خوف بعد كتابه هذه الكلمات!!
هل تعلم لماذا لم يُخِف الموت الراحل صابر جورجي؟ ولماذا لن يخيف مسيحيًا حقيقيًا؟ هل تعلم لماذا كتب سليمان في الأمثال: {الشِّرِّيرُ يُطْرَدُ بِشَرِّهِ أَمَّا الصِّدِّيقُ فَوَاثِقٌ عِنْدَ مَوْتِهِ} (أمثال14: 32)؟
الإجابة هي:
وإن كنت هذه أوصاف الموت المرعب للإنسان الطبيعي ..
1. حربة الموت (أي18:33)
2. شوكة الموت (1كو56:15)
3. عداوة الموت (1كو26:15)
4. أشراك الموت (مز5:18)
5. قوة الموت (نش 6:8)
6. خوف الموت (عب15:2)
7. خدور الموت (أم27:7)
8. أهوال الموت (مز4:55)
9. ألم الموت (عب2: 9)
10. حبال الموت (مز3:116)
11. أبواب الموت (أي17:38)
12. أوجاع الموت (أع24:2)
إلا إن المسيحي الحقيقي ما عاد يخاف الموت لأن:
1. المسيح، بتجسده وصليبه، كان يبيد بالموت من له سلطان الموت (عب 2: 14-15)
2. أبطل الموت وأنار لنا الحياة والخلود (2تي 1: 10)
3. نقض أوجاع الموت (أع 2: 24)
4. احتمل شوكة الموت (1كو 15: 56)
5. صار الموت نومًا ورقادًا بيسوع (1تيمو4: 14)
6. صار الموت ربحًا للمسيحي الحقيقي (في 1: 21)
7. وبالرغم من ذلك المسيحي الحقيقي لا ينتظر الموت بل مجيء الرب، حيث لا نرى الموت، ونكون معه ومثله في بيت الآب (1كو15: 51،2كو4:5، 1يو 3: 2)
لهذا فالصِّدِّيقُ فَوَاثِقٌ عِنْدَ مَوْتِهِ ليس لشجاعة أو فراسة، بل لأنه يثق في عمل المسيح العظيم الذي يجعل كل من يؤمن به إيمانًا حقيقيًا ينطبق عليه {أما الصِّدِّيقُ فَوَاثِقٌ عِنْدَ مَوْتِهِ}.
فهل تتمنى أن تحصل علي هذه الثقة الغالية؟ أدعوك أن لا تؤجل، بل تعال للمسيح الآن وأنت تقرأ هذه الكلمات، مصليًا معي ..
صلاة:
أقبلك يا من بالموت أبطلت الموت ..
أتبعك وأسير خلفك،
فلن أخاف من الموت وأشراكه،
لأنك قد دُست أشواكه،
فلن تُرعبني شباكه،
فأصير واثقًا وأغلق للخوف شباكه,
ولمجيئك قلبي تلتهب أشواقه.
آمين.
زكريا استاورو |