لن تجدهم في الجحيم!
تأثرت وأنا أقرأ قصة "جيمس" ذلك الشاب السويسري الذي لم يكن يحب الكتاب المقدس ولا الكنيسة ولا المؤمنين. ولأن أمه كانت مسيحية حقيقيه، كانت تحكي له من الكتاب المقدس قصصًا عن الرب يسوع المسيح وأقواله، والأمور الخاصة بالأبدية. وكانت توضح له فكر الله تجاه أمور الحياة حسب كلمة الله في الكتاب المقدس
مرة قال لها:
«لا أريد أن أسمع شيئًا من هذا الكتاب مرة أخرى». وفي عنف استكمل كلامه قائلا:
«هذا تحذير أخير لكِ. إن أنا سمعتُ منك شيئًا من الكتاب المقدس مرة أخرى ساترك البيت ومن فيه»
اكتفت الأم بالصلاة بحرارة لأجل "جيمس" وخلاص نفسه، ولكن بعد فتره، وعن غير قصد، كانت أم "جيمس" تقتبس بعض الآيات أثناء كلامها العادي معه، فغضب وثارت ثورته وكأنها نعتته بأسوإ الصفات أو أهانته أقسى إهانة. وترك البيت آخذًا قرارًا بالرحيل حتى لا تُتعب أمه ضميره بسبب كلامها عن الله. وقال "جيمس" لأمه:
- «سأذهب إلى مكان لا أجد فيه أي مسيحيين .. لا أريدهم ولا أريد سماع أي كلام من كتابهم».
ترك "جيمس" البيت وركب القطار. وفي القطار بعدما جلس بوقت قصير سمع رجلان بجواره يتناقشان فى الكتاب المقدس، فجُنَّ جنونه، وقام وجلس فى مكان آخر بالقطار، فسمع بعض السيدات يتحدثن عن مجيء الرب الثانى وعلامات آخر الأيام. فنزل من القطار وقضى ليلته في أحد الفنادق بعد أن حجز تذكرة على ظهر أحد السفن الكبيرة.
في ظهر اليوم التالي ركب جيمس السفينة فوجد مجموعة من الشباب يبدو عليهم الفرح الشديد، فاقترب إليهم ظانًا أنه وجد ضالته، فهو يشتاق لأن يغني ويضحك ويلهو. ولكن يا للحسرة الشديدة التي مُنى بها "جيمس" لما ابتدأو بعد وقت قليل يرنمون بكل حماسة ونشاط للرب يسوع وهم على ظهر السفينة، كانوا يترنمون ترنيمات الغربة وقرب مجي الرب والرحلة السماوية الأبدية.
لم يستطع "جيمس" أن يغادر السفينة، فحوله المياه من كل ناحية! فنزل الى غرفة القبطان وسأله:
«سيدي القبطان، من المؤكد أنك سافرت حول العالم عدة مرات بسفينتك. هل تسمح لي أن أسألك سؤالاً يهمني ويؤرقني؟»
أجابه القبطان بالإيجاب، فقال جيمس:
«ألا تخبرنى يا حضرة القبطان أين أذهب حتى لا أجد هؤلاء المسيحيين؟»
فأجابه القبطان على الفور:
- «اذهب إلى الجحيم يا ابني، فإنك بالتأكيد لن تجدهم هناك»!
كانت كلمات القبطان السريعة الحاسمة، الـمُغلفة بصلوات الأم الطويلة لسنينَ عديدة مع توسلاتها "لجيمس" أن لا يرحل ويغادر البيت، أقوي من قساوة قلب "جيمس". ففي الحال وفي كابينة القبطان ركع وأعطى حياته للرب يسوع المسيح وتمتع بالسلام الكامل، حتى أن القبطان نفسه تأثَّر من هذا الموقف، فقدم توبة أيضًا، وأعطى قلبَه للرب.
وقد عاش "جيمس" طوال حياته فيما بعد خادمًا للرب، يربح نفوسًا للمسيح ليصيروا مسيحيين حقيقيين، ويُنقذوا من الجحيم الأبدي. لقد صار شعاره ما قالة القبطان: «لن تجدهم في الجحيم»!
صديقي القاريء .. صديقتي القارئة، هل أنت نظير "جيمس"؟ هل أنت هارب من الله وهارب من المسيحيين؟
تذكَّر أنه من المستحيل أن تهرب من الله كما قال داود النبي قديما: {أَيْنَ أَذْهَبُ مِنْ رُوحِكَ وَمِنْ وَجْهِكَ أَيْنَ أَهْرُبُ؟ إِنْ صَعِدْتُ إِلَى السَّمَاوَاتِ فَأَنْتَ هُنَاكَ وَإِنْ فَرَشْتُ فِي الْهَاوِيَةِ فَهَا أَنْتَ. إِنْ أَخَذْتُ جَنَاحَيِ الصُّبْحِ وَسَكَنْتُ فِي أَقَاصِي الْبَحْرِ فَهُنَاكَ أَيْضًا تَهْدِينِي يَدُكَ وَتُمْسِكُنِي يَمِينُكَ. فَقُلْتُ:[إِنَّمَا الظُّلْمَةُ تَغْشَانِي] فَاللَّيْلُ يُضِيءُ حَوْلِي! الظُّلْمَةُ أَيْضًا لاَ تُظْلِمُ لَدَيْكَ وَاللَّيْلُ مِثْلَ النَّهَارِ يُضِيءُ. كَالظُّلْمَةِ هَكَذَا النُّورُ} (مزمور139: 7-12).
لقد حاول يونان قديما الهرب من الله نظير "جيمس"، ولكن الله لا يمكن الهروب منه, {فَقَامَ يُونَانُ لِيَهْرُبَ إِلَى تَرْشِيشَ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ فَنَزَلَ إِلَى يَافَا وَوَجَدَ سَفِينَةً ذَاهِبَةً إِلَى تَرْشِيشَ فَدَفَعَ أُجْرَتَهَا وَنَزَلَ فِيهَا لِيَذْهَبَ مَعَهُمْ إِلَى تَرْشِيشَ مِنْ وَجْهِ لرَّبِّ ... فَأَلْقُوا قُرَعًا فَوَقَعَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى يُونَانَ. فَقَالُوا لَهُ: «أَخْبِرْنَا بِسَبَبِ مَنْ هَذِهِ الْمُصِيبَةُ عَلَيْنَا؟ مَا هُوَ عَمَلُكَ؟ وَمِنْ أَيْنَ أَتَيْتَ؟ مَا هِيَ أَرْضُكَ وَمِنْ أَيِّ شَعْبٍ أَنْتَ؟» فَقَالَ لَهُمْ: «أَنَا عِبْرَانِيٌّ وَأَنَا خَائِفٌ مِنَ الرَّبِّ إِلَهِ السَّمَاءِ الَّذِي صَنَعَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ». فَخَافَ الرِّجَالُ خَوْفًا عَظِيمًا وَقَالُوا لَهُ: «لِمَاذَا فَعَلْتَ هَذَا؟» فَإِنَّ الرِّجَالَ عَرَفُوا أَنَّهُ هَارِبٌ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ لأَنَّهُ أَخْبَرَهُمْ} (يونان1: 2-10).
إن أصوات الله المتلاحقة لك، لَهِيَ دليل حب الله. إنه يلاحقك لا ليهلكك بل لينقذك من الهلاك, كم من المرات أنذرك الله لكي ترجع وتعود إلى أحضانه وأنت لم تبال؟ ربما كانت متابعة الله لك في حياتك عن طريق أخطار واجهتها أو حوادث رأيتها، ورأيت البعض يموتون أمام عينيك، ربما زلازل أو حروب أو أمراض فتاكة، ويمكن أن يكون صوت الله في حياتك ترنيمة سمعتها وتأثرت بها لكنك أهملت الرجوع لله، أو عظة أو آيه من الكتاب المقدس، أو نبذه كلمك الله من خلالها لكنك أهملت صوته، ويمكن أن يكون صوت الله لك خير وفير أكرمك الرب به لكنك لم تشكره أو حتى تذكره، ويمكن أن يكون خيانة تعرضت لها أو فشل في أمر ما .. كلها أمور سمح بها الله لتترك ثقتك في نفسك وفي الناس وتعلن عطشك واحتياجك لله، لكنك أهملت صوت الرب وسارعت بالهروب نظير "جيمس".
لكنه يناديك بصوته الحلو: {أَنَا أُحِبُّ الَّذِينَ يُحِبُّونَنِي وَالَّذِينَ يُبَكِّرُونَ إِلَيَّ يَجِدُونَنِي. عِنْدِي الْغِنَى وَالْكَرَامَةُ. قِنْيَةٌ فَاخِرَةٌ وَحَظٌّ ... لأَنَّ مَنْ يَجِدُنِي يَجِدُ الْحَيَاةَ وَيَنَالُ رِضًى مِنَ الرَّبِّ. وَمَنْ يُخْطِئُ عَنِّي يَضُرُّ نَفْسَهُ. كُلُّ مُبْغِضِيَّ يُحِبُّونَ الْمَوْتَ} (أمثال8: 17و35). إنه يقرع باب قلبك قائلا: {هَئَنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي} (رؤيا3: 20). فهل مع جيمس ومعي الآن تصلي؟
صلاة:
يا رب يسوع أنت أحن صديق
أشكرك لأجل تحذيرك الرقيق
إنني للخطية عبدٌ من الرقيق
فحررني لأبدأ معك الطريق
وأشهد عن دمك الذي لأجلي أُريق
آمين
زكريا استاورو
|