ماذا جنيت من فضيحة "ووتر جيت"؟
كان "تشارلس و. كولسون" Charles W. Colson، قاضيًا في المحكمة العليا الأمريكية. وقضاة هذه المحكمة يتم ترشيحهم بواسطة الرئيس الأمريكي. ويظل قاضي المحكمة العليا الأمريكية قاضيًا فيها مدى الحياة حتى يكون عادلاً لا يتأثر بالسياسات المتغيرة من حوله.
لكن "كولسون" للأسف لم يحترم منصبه بل سلك بالعكس تمامًا، وكما دعاه الكاتب الأمريكي الشهير "ويلدر سميث" Smith Wilder في كتاباته عن الدسائس السياسية بأنه "خانق الحصان الأبيض"!
اتصف "تشارلس و. كولسون" بأنه من أخطر من يحيك المؤامرات والفتن والدسائس السياسية، في كل تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية. وكان بلا شك هو مهندس فضيحة "ووتر جيت" Watergate الشهيرة في عصر الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون.
وعندما بدأت فضيحة "ووتر جيت" تتكشف، وبدأت وسائل الأعلام تتناولها، بدأ ضمير كولسون المخدَّر في الاستيقاظ، وبدأ شعوره بالذنب يتعاظم، وقال في نفسه:
«كيف للقاضي الأعلى رمز العدالة والشرف أن يصير متهمًا بالكذب والتجسس؟»
وعندها قرر أن يعترف بتفاصيل كل ما فعل في الظلام وتحت المائدة مهما كانت النتائج .. قرر هذا حتى قبل أن يتم تداول القضية في المحكمة. وظن البعض من أصدقائه في البداية أنه يحاول أن يحيك مؤامرة جديدة ليتهرب بها من مسئوليته في القضية، لكنه كان - تحت تأثير نيران الشعور بالذنب وعذاب الضمير - يريد الاعتراف بصدق، لعله يرتاح!
في أثناء تداول القضية في المحكمة، تحدث أحد أصدقاء "تشارلس و. كولسون" إليه بحديث عجيب يختلف عن كل الأحاديث المثارة وقتها بشأن القضية، حيث قال له الصديق:
«أنت قاضٍ أعلى، مُتَّهَم وتحاكَم، لكن هناك قاضٍ أعلى أيضا أتُّهم وحوكم رغم عدله وصلاحه المطلق، أتُّهم لأجلك، ويريد الآن لا أن يدينك بل أن يخلصك من حكم الإدانة، لا الأمريكية، بل الأبدية».
وعندها - ولأول مرة - يفكر "تشارلس و. كولسون" في السؤال الهام: لماذا الصليب؟ ولأول مرة يفهم كيف أنه في الصليب - وفي الصليب فقط - تتعانق كل صفات الله معًا في توافق وانسجام. كيف يمكن للعدل والحب أن يكونا معًا في قضية خطايانا. وأن الرب يسوع المسيح المصلوب {الَّذِي لَمْ يَفْعَلْ خَطِيَّةً، وَلاَ وُجِدَ فِي فَمِهِ مَكْرٌ، الَّذِي إِذْ شُتِمَ لَمْ يَكُنْ يَشْتِمُ عِوَضًا وَإِذْ تَأَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُهَدِّدُ بَلْ كَانَ يُسَلِّمُ لِمَنْ يَقْضِي بِعَدْلٍ. الَّذِي حَمَلَ هُوَ نَفْسُهُ خَطَايَانَا فِي جَسَدِهِ عَلَى الْخَشَبَةِ، لِكَيْ نَمُوتَ عَنِ الْخَطَايَا فَنَحْيَا لِلْبِرِّ. الَّذِي بِجَلْدَتِهِ شُفِيتُمْ} (1بطرس2: 22-24) وعندها جاء القاضي الأعلى الأمريكي "تشارلس و. كولسون" إلى القاضي الأعلى المصلوب والمقام من الأموات، الرب يسوع المسيح، وعندها نال غفران الخطايا والحياة الأبدية .
كرس "تشارلس و. كولسون" كل وقته وماله وامكانياته للمسيح، وللمُقيَّدين بالخطية وفي السجون الحرفية، ولأنه قاضٍ وسجين في ذات الوقت، تَفَهَّم احتياجات المسجونين. وحتى اليوم ما يزال "كولسون" يقدم جهوده العظيمة في الكرازة بالمسيح وأعمال الرحمة للمساكين المحتاجين.
حقًا، لقد اختبر عمليًا المكتوب: {إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ. الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ. هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا} (2كو5: 17).
صديقي القاريء العزيز .. صديقتي القارئة العزيزة، هاك بعض صفات الله التي تتلاقى في انسجام، في الصليب:
صـدق اللـه: ففي يوم الصليب فقط تمت عشرات النبوات، كما قال الرب يسوع لبطرس: {فَكَيْفَ تُكَمَّلُ الْكُتُبُ: أَنَّهُ هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ؟} (متى26: 53و45) ولتلميذي عمواس: {«أَيُّهَا الْغَبِيَّانِ والْبَطِيئَا الْقُلُوبِ فِي الإِيمَانِ بِجَمِيعِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الأَنْبِيَاءُ أَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ بِهَذَا وَيَدْخُلُ إِلَى مَجْدِهِ؟» ثُمَّ ابْتَدَأَ مِنْ مُوسَى وَمِنْ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ يُفَسِّرُ لَهُمَا الأُمُورَ الْمُخْتَصَّةَ بِهِ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ}. وللتلاميذ: {«لاَ بُدَّ أَنْ يَتِمَّ جَمِيعُ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنِّي فِي نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ والْمَزَامِيرِ»} (لوقا 25:24 -27و44)
عـدل الله: {الرَّحْمَةُ وَالْحَقُّ الْتَقَيَا. الْبِرُّ وَالسَّلاَمُ تَلاَثَمَا} (مزمور85: 10) انظر (روميه 3 : 26).
محبه الله: {لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ الله الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ} (يوحنا 16:3 ، روميه 32:8 ، 1يوحنا 8:4 -10) محبة المسيح (أفسـس 25:5 ، يوحنا 1:13 ، 13:15) بعمل الروح القـدس (عبرانيين 14:9)
قداسه الله: {إِلَهِي إِلَهِي! لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟ .. وَأَنْتَ الْقُدُّوسُ الْجَالِسُ بَيْنَ تَسْبِيحَاتِ إِسْرَائِيلَ} (مزمور1:22، إشعياء6: 3-8)
مجـد الله: {فَذَاكَ لَمَّا أَخَذَ اللُّقْمَةَ خَرَجَ لِلْوَقْتِ ... قَالَ يَسُوعُ: «ﭐلآنَ تَمَجَّدَ ابْنُ الإِنْسَانِ وَتَمَجَّدَ اللهُ فِيهِ} (يوحنا 13: 30و31 ، مز 4:69)
حكمه الله: {وَلَكِنَّنَا نَحْنُ نَكْرِزُ بِالْمَسِيحِ مَصْلُوبًا: لِلْيَهُودِ عَثْرَةً وَلِلْيُونَانِيِّينَ جَهَالَةً! وَأَمَّا لِلْمَدْعُوِّينَ: يَهُودًا وَيُونَانِيِّينَ فَبِالْمَسِيحِ قُوَّةِ اللهِ وَحِكْمَةِ اللهِ} (1كورنثوس 24:1 ، 7:2-10)
قـــوه الله: {فَإِنَّ كَلِمَةَ الصَّلِيبِ عِنْدَ الْهَالِكِينَ جَهَالَةٌ وَأَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ الْمُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ اللهِ} (1كورنثوس18:1).
صديقي القاريء العزيز .. صديقتي القارئة العزيزة، هل تأتي معي ومع مهندس فضيحة "ووتر جيت" التائب إلى المسيح وتصلي معي؟
صلاة:
يا أعجب قاضٍ يا من لُطمت على الخدّ
يا من صُلبت لأجلى طالما من الصلب لا بد
في قصة حب وعدل تبقى للأبد
أعطيك حياتي ففيك وحدك السلام والمجد
آمين
زكريا استاورو
|