ولد "هوراشيو سبافورد" Horatio G. Spafford في "نورث تروي" North Troy بنيويورك في 20 أكتوبر عام 1828م. وكان "سبافورد" مسيحيًا حقيقيًا تقيًا يعمل محاميًا، ويعيش هو وزوجته "حَنة" Annaوبناته الأربعة "تانيتا" Tanetta و"ماجي" Maggi و"آن" Annie و"بيسي" Bessie وابنه الصغير في مدينة "شيكاغو" بالولايات المتحدة الأمريكية. وكانوا معًا يخدمون الرب يسوع مع خادم الرب الشهير "مودي" Moody.
في عام 1870م فقد "سبافورد" ابنه الوحيد البالغ من العمر 4 سنوات، الذي مات بالحمى القرمزية. وتوالت التجارب القاسية في حياة "سبافورد"؛ ففي أكتوبر من عام 1871م فَقَدَ "سبافورد" أغلب ممتلكاته في حريق شيكاغو الشهير، الذي بدأ في الساعة التاسعة مساء الأحد 8 أكتوبر 1871م وظل حتى يوم الثلاثاء 10أكتوبر 1871م، ومات فيه أكثر من 300 نفس وتشرد أكثر من 90 ألفًا، وكانت الخسائر أكثر من 200 مليون دولار أمريكي.
في شهر نوفمبر من عام 1873م غادرت حَنة وبناتها الأربعة ميناء نيويورك على متن السفينة "دي هافرد" المتجهة إلى إنجلترا في زيارة للعائلة هناك، بُغية الراحة بعد ما حدث للعائلة. ولكن في تمام الثانية فجر يوم 22 نوفمبر وفي المحيط الأطلنطي تجاه شواطيء "لي هافر" Le Havre بفرنسا، اصدمت السفينة بسفينة أخرى إنجليزية تسمى "لوشيرن". وفي خلال ساعتين كانت قد استقرت تماما في أعماق المحيط الأطلنطي ومات 226 شخص ممن كانوا عليها وكان منهم بنات "سبافورد" الاربعة.
بعد عدة أسابيع من هذه الحادثة وصلت رسالة "لسبافورد" من زوجته، عبارة عن كلمتين فقط، قالت فيها:
- «وصلت وحدي..»
فسافر على الفور لإنجلترا ليعزي زوجته الحزينة. وفي ذلك الوقت كان "مودي" خادم الرب يخدُم ومعه المرنم الشهير "سانكي" Ira D. Sankey في أدنبرة باسكتلندا. فذهبوا لتعزيته هو وزوجته في لندن وكم تعزيا حينما وجداه مع زوجته وبرغم ضراوة التجربة يتمتعان بتعزيات الرب.
بعد هذه التجربة القاسية بثلاث سنين، وفي ديسمبر من عام 1883م وفي ذكرى موت بناته الأربعة، كان "سبافورد" بسفينته الخاصة يعبر فوق المكان الذي غرقت فيه السفينة ببناته الأربعه وقال له القبطان:
- «أظن أننا الآن نمر على مكان السفينة الغارقة "دي هافرد" التي ترسو على عمق 3 أميال»
وفي تلك الليلة قاده الروح القدس لكتابة واحدة من أشهر الترانيم في العصر الحديث وهي التي تحمل عنوان "في سلام في سلام" والعنوان بالإنجليزية "It Is Well With My Soul".
1- إن فاض من قلبي نبع السلام
فصوتي يرنم بين الأنام
أو كنت في وادي الظلام
إنني دائما في سلام
ق: في سلام في سلام
إنني دائما في سلام
2- إن هاجت عليَّ جيوش الآلام
يسوع يبدد جند الظلام
فنفسي في أمان تام
بفدائه أسرى الآثام
3- فمجدًا لحامل ذنبي العظيم
وماحي آثامي بالدم الكريم
وساتر عيبي الذميم
له الشكر من ضالٍ أثيم
4- فيا ربي عجل بالملك السعيد
يسود في الدنيا السلام الوطيد
فنحظى بالعصر المجيد
فنشيد بالعهد الجديد
في عام 1881م ترك "هوراشيو ج. سبافورد" وزوجته وبنتيه اللتين وُلدتا له بعد كارثة السفينة شيكاغو، وذهبوا إلى القدس في فلسطين، وهناك استخدمهم الرب لتأسيس إرسالية الجالية الأمريكية Amer¬i¬can Col¬o¬ny لخدمة الفقراء. ولقد كتبت عن هذه الأرسالية الكاتبة السويدية "سلمى لوفيسيا" Sel¬ma La¬ger¬löf مجلدان فازت عليهما بجائزة نوبل للأدب في عام 1909م حيث كانت أول سيدة في التاريخ تفوز بجائزة نوبل للأدب, وقضوا كل حياتهم في خدمة أمينة للرب حتى رحل "سبافورد" من عالمنا ليكون مع المسيح حيث تقابل مع طفله وبناته الأربعة في 16 أكتوبر عام1888م.
صديقي القاريء العزيز .. صديقتي القارئة العزيزة، إن قصة "سبافورد" تشبه قصة أيوب قديمًا، الذي فقد ممتلكاته، وكل أولاده وبناته العشرة، وحتى صحته. لكنه قال: {[عُرْيَانًا خَرَجْتُ مِنْ بَطْنِ أُمِّي وَعُرْيَانًا أَعُودُ إِلَى هُنَاكَ. الرَّبُّ أَعْطَى وَالرَّبُّ أَخَذَ فَلْيَكُنِ اسْمُ الرَّبِّ مُبَارَكًا]. فِي كُلِّ هَذَا لَمْ يُخْطِئْ أَيُّوبُ وَلَمْ يَنْسِبْ لله جَهَالَةً} (أيوب1: 21) ولما فقد صحته, وقالت له زوجته {[أَنْتَ مُتَمَسِّكٌ بَعْدُ بِكَمَالِكَ! جَدِّفْ عَلَى اللهِ وَمُتْ!] فَقَالَ لَهَا: [تَتَكَلَّمِينَ كَلاَمًا كَإِحْدَى الْجَاهِلاَتِ! أَالْخَيْرَ نَقْبَلُ مِنْ عِنْدِ اللهِ والشَّرَّ لاَ نَقْبَلُ؟] فِي كُلِّ هَذَا لَمْ يُخْطِئْ أَيُّوبُ بِشَفَتَيْهِ} (أيوب2: 10)
ولكن نهاية "سبافورد" تشبه نهاية أيوب أيضًا: {وَرَدَّ الرَّبُّ سَبْيَ أَيُّوبَ لَمَّا صَلَّى لأَجْلِ أَصْحَابِهِ وَزَادَ الرَّبُّ عَلَى كُلِّ مَا كَانَ لأَيُّوبَ ضِعْفًا} (أيوب42: 10). إن الله وحده هو الذي يعطي السلام في هذه الظروف، كما هو مكتوب: {أَمَّا الأَشْرَارُ فَكَالْبَحْرِ الْمُضْطَرِبِ لأَنَّهُ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَهْدَأَ وَتَقْذِفُ مِيَاهُهُ حَمْأَةً وَطِينًا. لَيْسَ سَلاَمٌ قَالَ إِلَهِي لِلأَشْرَارِ} (إشعياء57: 21) أما بالنسبة للمسيحي الحقيقي: {لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ. وَسَلاَمُ اللهِ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْلٍ يَحْفَظُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ} (فيلبي4: 6) فالرب يسوع المسيح هو الوحيد نبع السلام فهو:
1- رئيس السلام (إش6:9)
2- ملك السلام (عب 2:7)
3- إله السلام (فيلبى 4: 9)
4- نبع السلام مع الله (رو5: 1)
5- هو سلامنا (أف2: 14)
6- يعطينا سلامه الشخصي (يو14: 27)
7- به سلام الله (فيلبى 4: 7)
فهل تُقبل إليه الآن مصليا معي؟
صلاة:
يا رئيس ونبع السلام أعيش في اضطراب وأحزان فارحمني وخلصني للتمام فافرح معك وأسير للأمام آمين.
زكريا استاورو |